‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات. إظهار كافة الرسائل

2014/07/08

ما أروع الفرنسية في بلاد العربية ؟!! بقلم : أحمد بلقمري باحث في القضايا النفسية و التربوية

مقالة لصديق أحمد بلقمري أعجبتني كثير Ahmed Belgoumri

ما أروع الفرنسية في بلاد العربية ؟!!

ما أحلى أن نعيش في بلاد عربية و نتكلم باللغة الفرنسية !،ما أجمل أن تكون عربيا بقلب فرنسي !،ما أروع الفرنسية عندما نتكلمها ونحن جزائريون !..كم أحب أن تخاطبوني بالفرنسية لأدرك أنني جزائري ، كم أحب أن أكون متخلفا في عيون المتفرنسين ..
إنها مصيبتنا يا قوم عندما يخاطب بعضنا بعضا بلغة غير التي عقدنا العزم أن تكون لغتنا الرسمية ..لقد تواضعنا على أن تكون لغة الضاد و القرآن لغتنا الرسمية ، و غير ذلك يعني أننا في حاجة ماسة و ملحة لتعديل عقدنا الاجتماعي و اعتماد الفرنسية لغة رسمية لنا ولنرح بعضنا من العذابات و المعاناة ..أين أنت أيها الأمير عبد القادر يا من كنت تراسل فرنسا الرسمية بلغة عربية فصحى جعلتها تحترمك من خلالها؟ ،أين أنت لترى تحضرنا الزائف الباهت ؟..أين أنت أيها الشيخ ابن باديس لتعلم أننا سنعيش لكن فرنسا و الفرنسية ؟!..آه أيها الشيخ البشير الإبراهيمي لقد رمونا بالوهن ،إننا اليوم نتكلم الفرنسية في البيت و الشارع و المسجد و المدرسة ، و أينما وليت وجهك فأنت فرنسي ..
أيها الناس ارحمونا بحق الله ، نحن لا نريدكم و لا نريد فرنسيتكم و لتدركوا أن الأمة الجزائرية عربية الجنس ،مسلمة الدين ،و المحافظة على الأمة محافظة على الدين و الجنس معا.
قلم : أحمد بلقمري باحث في القضايا النفسية و التربوية

2014/05/14

التّــبيان في ذكرى وفاة ملك البيان بقلم: البشير بوكثير رأس الوادي

التّــبيان في ذكرى وفاة ملك البيان بقلم: البشير بوكثير رأس الوادي

التّــبيان في ذكرى وفاة ملك البيان  البشير الابراهيمي  بقلم : البشير بوكثير رأس الوادي

إهداء: إلى روح جدي الأكبر- في الأدب لاالنسب- الشيخ محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى في ذكرى وفاته، أسوق هذه المحطّات.

هو محمد البشير، العالم الكبير ، والجهبذ النّحرير، والأديب اللبيب، والشّاعر الأريب، هو من أشرف القوم أصلا ومحتدا، وصدرا وموردا، ونجما وفرقدا، كان غُصّةً في حُلوق العدى ،أذاقهم السّمّ الزّعاف بل الرّدى، وكان للصّحب غيثا وموردا ، ومنهلا للجُود والنّدى، ماغرّدَ طائرٌ أو شدا ، والحمد لله لم تذهبْ جهوده سُدى .

يعود نسبه إلى الأشراف الأدارسة، ذوي الأطلال الباقية لا الدّارسة ،الضّاحكة لا العابسة ، فأكرمْ ياجزائريّ بالأشراف الأدارسة ! 

لقد عاش في هذا البيت، على قنديل الزّيت ، لايؤمن بـ"لو" ولا بـ "ليت"...!

علّمه عمّه "محمد المكي" الأصول والمُتون، ولقنه شتىّ ضُروب العلوم والفنون، فأتى بمالم يأتِ به الأوّلون، فقرّتْ به العيون، ونام مِلْءَ الجفون،مثلما نام "أبو الطيّب" في تلك السّنون.

بعدها يمّم شطر تونس الخضراء وتفيّأ ظلالَ "الزيتونة" الميمونة بجامعها العتيق، ودرسِها المُمّحص الدّقيق...

ارتشفَ من منهل" الزيتونة"، تلك الجامعة الميمونة، والدّرّة المصونة ، والجوهرة المكنونة، في أفئدة كل جزائري ساكنةً مدفونة، لكن وا أسفا على الزّيتونة ...!، صيّرها أراذلُ القوم اليوم مَهيضةَ الجناح مغبونة.

ثم غادر إلى مصر المحروسة ،في رحلة قصيرة مدروسة ، طلبا للعلوم النّفيسة المحسوسة ، وهناك التقى بقادة الرأي وأعلام الفكر، وجهابذة العصر،ومصاقعة الدّهر ، من كل قُطْر ومَصر ، فأفاد واستفاد، ونهل من أزهرها الشّريف خير زاد، فصار في الورى الأسّ والعِماد.

بعدها غادر إلى الحجاز ، مهبط الوحي ومصدر الإعجاز،وسكنَ المدينة ، فتحرّكت لواعجُه الدّفينة ، وهناك التقى رفيق دربه، وبُطينَ قلبه" ابن باديس" الإمام، والمصلح الهُمام ، والأسد الضّرغام، في ساحِ مُقارعة اللئام الأشرار، فتدارسا أحوال الجزائر تحت نيـْر الاستدمار.

وبعد ثورة الحسين الشّريف - وماهو بشريف من يتحالف مع العدوّ ويُناصرالزّيف، ويقلبُ ظهرَ المِجنّ للطّاهر العفيف-، يهاجرُ العلاّمة الهُمام ، إلى بلاد الشّام ، فتبتسم له الأيام، وتُرخي له الزّمام.

وهكذا ساقته الأقدار، بعد حنين وادّكار،إلى شآم الأحرار، وهناك حلّق وطار ، وصار أشهرَ من علم فوقه نار ...

أنشدَ للغوطة الغنّاء ،مواويلَ تُقطّع القلوب وتُمزّق الأحشاء ، وشدا لدمشق الفيحاء، و ترنّم لحلب لشهباء ، روائع الدّرّ وغنج الدّلال، بل السّحر الحلال، والماء الزّلال بلا جدال.

لقد خلّف ضراغمةً وأشبالا ، وربّى لُيوثا و رجالا ، صاروا فهودا وأسودا وأبطالا ، رضعوا لبان علمه شهْدا و حليبا، فنبغَ فيهم "جميل صليبا" ...

عرفه الجامع الأموي ، في عصره الذهبيّ، فكان نِعم الأستاذ اللغويّ، والشيخ المربي الأبيّ...

ولمّا نادى المُنادي ، حيّ على الجهاد، لبّى النّداء، وعاد للجزائر الجريحة الولهاء، وأسّس رفقة أخيه " ابن باديس" جمعية العلماء ، لإحياء ماضٍ تليد، وتاريخ مجيد، حاول طمسَه الاستدمار الرّعديد . 

ماذا عساني اليوم أقول في شيخ جليل حارب الجهل والحيْف، والبدع والزّيف ، ورسم معالم الحقّ بالحكمة لا بالسّيف. فهو المصلح الفقيه، والزّاهد النّبيه ، والشاعر النّادر، والبحر الهادر ، بل المحيط الزّاخر ، باللآلىء والجواهر .فأكرمْ به من مصلح ثائر !

لقد أخذ بيد النّشء إلى الفلاح والنّجاح، وغرس في قلوبهم محبّة آيِ القرآن والحديث الصّحاح، وأذكى مروءة العرب الأقحاح ، ونشر الخير ونثرَ بُذور الإصلاح، فوق هذه الوهاد والبطاح .

و هو ثاني اثنين في الجمعيّة ، بعزيمة قويـّة ، وهمّة ذكيـّة ، وسريرة نقيّة، ونفس أبيّة.إنـّه الأديب اللّبيب ، واللّغوي الأريب، العلاّمة الأمجد، والدرّاكة الأسعد، والنابغة الأوحد...
هو الفهّامة اللّوذعيّ، والعلاّمة الألمعيّ، والخطيب الأروعيّ، والمُفوّه السّميذعيّ: شيخنا البشير الإبراهيميّ الذي جمع فصاحة اللسان، وقوّة الجنان، ونصاعة البيان، فخجل من سحره سحبان .

لقد فاق "الأصمعيّ" في غريب اللغة والأنساب ، وبـَـزَّ "قُسّ بن ساعدة" في البلاغة وفصلِ الخطاب ، وأغاظ البُلغاء والوُعّاظ في سوق عكاظ ، حتّى قلّده "عبد المالك مرتاض"، فلم يأتِ سوى بالرّذاذ.

أبهر "علي الطنطاوي" في سرعة البديهة، والحافظة العجيبة النّبيهة، فهو كعنترة يوم الوغى والكريهة .

هو من نادى طول المدى : لن يتحرّر جسدٌ يحمل عقلا عبدا ... وأنا أقول صدقت يا شيخي "البشير" فقد كنتَ في نحر "قمير" برقا ورعدا، ومُهنّدا صمصاما صَلدا ، لم يعرف يوما له غمدا، ممتشقا للعلا صُعدا.

كان أسدا هصورا، وهزبرا على الأهوال جَسُورا، ومُصلحا فذّا صبورا، ومجاهدا غيورا،يبغي تجارةً لن تبورا ...

لقد أتى في منفاه بــ"آفلو" بالفرائد، فزيّن الطّروس بالقلائد ، فأكرمْ بها من درر وفوائد ...!

حاز التقدير والوقار، وغرّد في سمائنا مثل الهزّار، فحفظ الأسرار، وبلّغ الرّسالة بكلّ اقتدار ، أكرمْ به من شهم مغوار ، لايشقّ له في ميدان البيان والجهاد غبار ..!

هو من وَشَمَ على جِيدِ الجزائر الحُبّ الصادق، ورسَم على هامتها الوفاءَ الخارق، ووسَم على قامتها الوردَ والزّنابق ، ودبّجَ بالدّمقس والنّمارق ،أحلى الرّقائق، وأقسم في حبّها بـ"السّماء والطّارق "، ولاغرو فهو سليل عقبة وطارق .
هو الرّجل الرّشيد،و العقد الفريد، والبلبل الغرّيد، والفكر السّديد، والمُربّي الفذّ الصّنديد، ومسطّر المجد التليد ، لأُمّة لن تبيد، بعزم يفلّ الحديد، وحزم يقهر الجبان الرّعديد. وهاهي ذكراه ، تتردّد على الشّفاه ، فكيف بربكم نسلو عنه أوننساه؟!

ذكراه دوما تعود، بالخير والبِشر والسُّعود،فترسم على الشّفاه البسمة واليُمنَ والجود، فكيف ننساه وهاهي ذكراه تتجدّد ويتردّد صداها في الوجود، ولابدّ أن تعود لتأخذ بناصية الأجيال وتقود، إلى المجد والسؤدد والصّعود، وتنثر عبقها مثل العنبر والعود، ويتضوّع أرجُها ليُسكِرَ الزّهر والورود، وأيْمُ الله هذا لساني "لي ياكلوا الدّود" عاجز عن التعبير في حضرة أسد الأسود .

ومهما أسهبتُ وأطنبت، ودندنتُ وأطربت ،فلن أزيد في القمر نورا ،أو في نفوس الورى سرورا . لقد كان السّنا والشعاع، والمؤانسة والإمتاع والإقناع ، وروعة الفكر وقمة الإبداع، وحكايته مع فتنة الضّاد صنعت الدهشة والإمتاع ، وترحاله في أرض الله بسطَ له جناح الفهم والإقلاع بلا شراع .

لقد تعرّفتُ على فكره منذ الصّغر ، فطافت بخَلدي أحلى الصّور، معلّما مصلحا يريد الظّفَر، يبني العقول يدكّ الحجر ، فيصنع في سنوات ، شبه معجزات، وتصير الفيافي بساتين خصبٍ ربوع نماء وحياة .

حارب الجهل والجمود، وقطع آلاف الحدود، متحديا كلّ القيود ، كاسرا جدران السّدود، فطلع النهار ، وأزهرت القفار، وتحقّق الانتصار ، على فلول الاستدمار، وانجلى الصّقيع، وأمْرعَ عشبُ الرّبيع، واكتسى بالوشي البديع ، معلنا ميلاد شعبٍ لا يبيع ، حفنةً من ثرى الوطن المنيع .

حديثك العذبُ -شيخي- تذوقناه عذبا، أينع زهرا وحَبّا ، وأورقَ وفاءً وحُبّا ، وسكن فؤادا خاليا واستوطن قلبا ، يهيم بحبّ الضادّ وينجذب إليها جذبا .

كلماتك-شيخي- ضمّدت جروحي، وبلْسَمت قروحي، وسمَتْ بمهجتي وروحي ، وشادت في الورى صروحي، وكانت ملهمتي بل نبضي وبوْحي ... 
هل يوجد أشجع ممّن عمل في أشرف ميدان،وذاد عن حرمة التعليم الحرّ والإصلاح بأقوى سلاحٍ وأمضى سِنان ؟ وهو ميدان بناء الإنسان ، وتهذيب القرائح والأذهان ؟
لقد بلّتْ نفحاته وشوارده اللغوية ما في جوانحي من الصّدى ، وأنعشتْ عقلي الكليل انتعاشَ الزّهر بِلَثْمِ قَطْرِ النّدى ، وهزّتني فصاحتُه هزّةَ النّشوان، وسَحرتْني آياتُه الحِسان ، فجعلتني مثل العربيد السّكران -وإنّ من البيان لسحرا - ، هكذا نطق العدنان.
يا أحفاد الإبراهيمي الأمجاد:
لقد رضع جدّكم البشير لبان الضّاد، و تغنّى بها في كلّ ناد ، وحمل رسالة الأجداد، بهمّة أعجزتْ الصّناديد الشِّداد ، وكان لأعدائها دوما بالمرصاد، وهاهو ذا يتركها أمانة بين أيديكم أيها الأحفاد ، فهل تحفظون العهد ، وتذودون عن هذا المجد ؟
اسمعوا دُرر محمّد العيد آل خليفة حين صدح، مثل البلبل حتى بحّ ، وتذوّقوا أبياته السائرة واضربوا النحّ:

له قلم إنْ رامَ دفعَ الأذى بــــه *** فرمحٌ رُدينيّ وسيفٌ مُهنّد

وإنْ رامَ إذكاءَ العقول فمشعل*** وإنْ رامَ إرواءَ القلوب فمورد

وإنْ رامَ وصْفا فهو أجمل ريشة *** لأبرعِ رسّامٍ على الفنّ تُسعد

لقد كان للفصحى أباها وأمّها *** ومرجعها إنْ ندّ أو شذَّ مُغرّد

2013/08/31

يسألونك عن الحب



يسألونك عن الحب

يسألونك عن الحب أنى للعاشق أن ينساه...

ذالكم الشعور الملهب في الأعماق سكناه ...

يجافي صاحبه ليالي طوال والقمر ينعاه ...

يسألونك عن الحب ..

قل يا حبيبي هو شغف القلب و الروح تهواه ...

هو نعيم الموحدين في الحياة الدنيا وأخراه ...

كلما هاجت في روحي الذكرى تمنت النفس لقياه ...

هو الرفيق الحق برحمته النعيم أراه ...

إلاهي ..عفوك أرجو فأرحم إنسان أظله هواه ...

وساحة قد سك سكن المذنبين إغفرلي رباه ...

يسألونك عن الحب ..

قل إن الحب في الله إله الحق أبغي رضاه ...

فيه السكينة والرحمات فيه الهدى ذاك الذي أرضاه ...

الحب للروح عطر وشذى. هو للقلب نبض يحياه ...

هل يلتف الغصن بالغصن إلا بعبق الحب يملاه ...

هل تظم الأم وليدها لصدرها إلا بالحب ورحماه ...

الحب بوتقة مظللة بالسكينة والأمل يتغشاه ...

الحب نعمة من الله فلا تجعله رذيلة شهوة تبغاه ...

يسألونك عن الحب أنى للقلب أن ينساه ...

شعور ملهب في أعماق الروح سكناه ...

قل الحب في الله يا حبيبي ذالك ...الذي أرضاه ...

يسألــــــــــونك

2013/08/17

دموع الحنين تحرق



علت امواج قلبي شوقا

وشوق القلب يمرض

هجر الصبر روحي

وهجر الصبر اصعب

سالت عينايا دموعا

ودمع الحنين يحرق

لم اعتد فراق الحبيب

ففراق الحبيب يتعب

بلغوها احر سلام

سلام عاشق حالة تحزن

اخبروها بما جرى لي 

فغياب اللبؤة عن العرين يضجر

2013/08/04

مقامة المثقّفين ، ونزهة الشّعراء المبدعين . بقلم : البشير بوكثير رأس الوادي



هذا ليس عنوان كتاب لابن القيم الجوزية (روضة المحبّين ونزهة المشتاقين)، بل همسة حانية إلى كلّ مبدع يكتوي بلظى الاحتراق ، ويتنشّق عبير المداد والأوراق ، إلى أن تلتفّ الساق بالساق ، (إلى ربّك يومئذ المساق) .أهدي هذا التّرياق للمبدعين في عيدهم.
عندما يتحوّل اليراع إلى مدفع ورشاش ، يبيد الجراد المهلك والخفّاش ..فابتسم أيها المبدع الأصيل لأنّ الليل آذن بالرّحيل.
منذ سنوات طوال قرأت لجبران مقولة أثّرت في نفسي كثيرا يقول فيها  القلم سلاح الضعفاء والسيف سلاح الأقوياء).
لا يا صديقي الشاعر اللبيب ،والكاتب الأديب ، يامن غنّيتَ للحبّ والتّسامح والحياة ، وطرّزتَ بالدمعة والابتسامة جبين الأباة.
إنّ القلم في عصرنا سلاح الأقوياء البٌناة..فكم صال وجال ، وأسقط عروش الا ستبداد والهزال ، وهوى بتيجان مرصّعة بالزمرّد ووَهم الخيال .
القلم أيها الصديق اللبناني فرس جموح ،لا يمتطي صهوته سوى الطّموح.
إنّ سلطة القلم لا تدانيها سلطة لأنها ببساطة السلطة الأولى والأخيرة.
عندما أطوف وأسيح في عالم الكتب أقف مبهورا مسحورا بحياة العظماء :
لقد مات هيرودوت وأرسطاليس وسقراط و ابن العميد وابن المقفّع وبيدبا الفيلسوف ، ومات المتنبي وأبو تمام والبحتري ، ومات ابن تيمية والعزّ بن عبد السلام والطبري ، ومات العقاد والرّافعي و أحمد شوقي ...
لكن هل مات فكر هؤلاء وشعر أولئك ؟
لقد فارقونا بالأجساد والأشباح ، وخٌلّدوا بالأفكار والأرواح..
وهل نسي الناس يا جبران -وقد طواك الثّرى- عواصفك ، وأرواحك المتمرّدة ، وأجنحتك المتكسّرة ، ودموعك وابتساماتك و...؟
لم ينس النّاس آثارك ومآثرك وروائعك.
ما أجمل حياة المبدع ..الفنّان ..الكاتب..الشاعر..الموسيقي ..القاصّ.!لأنّه يرسم أحلامنا وآمالنا و آلامنا بالحروف وبالألوان وبأعذب الالحان..
كم أنتشي ولا (أختشي) حين ينتج لنا فنّا راقيا وأدبا ساميا ، يرقى بالوجدان والشعور إلى عالم النّور .
إنهم كتّاب شباب ..شعراء شباب ..يلوكون تِبر الكلام والقريض وسحر البيان ، كما يلوكون الحلوى واللّبان..
مواهب كثيرة تحترق في رمال الجنوب ، وأحراش الشمال ، وأكواخ الأرياف ..هناك مع حفيف الأشجار و الأفنان ، وخرير الجداول والغدران ،يترنّمون بأحلى الأشعار ، كأنّهم بلابل وأطيار.
كهول وشيوخ تقوّست ظهورهم من معاشرة الدواة والقرطاس ، وابيضّت عيونهم من وهج الدفاتر وسنا النّبراس ،وشابت شعور و أشعار ، ومع كلّ شعرة حكاية طويلة مع مروج الذهب ، ونفح الطّيب ، والعقد الفريد ، والخمائل ...
شباب وكهول عاشوا ويعيشون ، يحيون ويموتون ..للحرف والكلمة الصادقة الملتزمة ..
لم تغرهم يا صاحبي بهرجات الحياة ، ولا العقارات والسّيارات..لقد طلّقوا كلّ شيء ..وتأبّطوا -خيرا لا شرّا- دفاترهم وقراطيسهم متّجهين إلى مملكة الإبداع..مملكة الصفاء والحبّ والنّقاء.
لقد تركوا السّياسييّن يتقاتلون على كراسي البرلمان ، أمّا هم فذابوا في مملكة البيان .
في مملكة الإبداع لا مكان (للشكارة ) ولا (للبقارة)، ولا لمتاجر بالدين ، ولا لمتاجر بالوطنية والديمقراطية .
المملكة مملكة العاشقين العارفين الواصلين الحاملين همّ الأمّة في القلوب الحانية ، والألباب البانية.

مع فائق التقدير،
البشير بوكثير رأس الوادي

2013/07/14

المقامة الرّمضانيّـــة - بقلم: البشير بوكثيـــــر


المقامة الرّمضانيّـــة
- بقلم: البشير بوكثيـــــر
    إلى الذّين جعلوا من شهر الصّيام شهرا للطعام، أرفعُ على السّريع شبه مقامة .
حدّثنا بَنان ، عن شهر رمضان قال:
في شهر رمضان، شهر القرآن والتّوبة والغفران، وشهر الصّيام والقيام، وهجْر الطّعام والمنام، قصدتُ مع صاحبي أشعب الهُمام مرابع الكرام، كي نصيب بعض الإدام بعد طول صيام ...
زقْزقتْ عصافيرُ البطون، وترهّلت العيون والجفون، ويا فرحتي ها قد سمعنا قعقعة الملاعق والصّحون، وشممنا رائحة "طاجين الزّيتون"، فتقدّمنا من صاحب الدّار، وكّنا نظنّه من الأجواد الأخيار، لكنّه طرَدنا كما يُطرَدُ الأجربُ المطليُّ بالقار .
بكى أشعب وصاح :
هل هذا هو الشّهر الذي تُصَفّدُ فيه الشّياطين ، ويفرحُ فيه الأطهار الميامين ؟ فمابال أشباه الشياطين، يمرحون ويسرحون،و يحرموننا من حلاوة "الطاجين" ، تبا للملاعين ...؟!
صِحتُ به : لاتكن الطّعّان اللعّان ، وأنت في شهر رمضان ...
انتقلنا إلى حيّ عتيق،كأنّه الزّبرجد والعقيق، فلمحْنا في منتصف الطريق، قصرا منيفا، ورجلا يبدو كريما ظريفا ، سلّمتُ وحيّيت، وتضرّعتُ وبكيت ، وصاحبي "بنان" مطأطئ الراس، كأنه ضُرِب بمهراس .
هشّ الرّجل الظريف وبشّ، وأدخلنا القصر المنيف لاالعشّ، ووضعَ السّماط، على البلاط، حتى خِلتُ نفسي بالفسطاط...
كسّرْنا الأشواك ،لمّا استفتَحْنا بـ"البوراك"، وثنّيْنا بــ"طاجين الزّيتون"، فكلّ شيء في سبيله يهون، وثلّثْنا بــ"شربة لفْريك"،وكأننا مُحَلِّقيْـــن في "التّلفريك"،وربّعْنا بــ"المعقودة"،فصارتْ معدة ُ أشعب مثل خُردة مهرودة،
وسـألني بنان: ممّ صُنعت هذه المعقودة المهرودة ؟
قلت : صُنِعت من مُخّ الخروف ،يا "حلّوف"، "زِيدْ خلّطْها بالبوزلوف" ، كي أستريح من نَهَمِك يا ملهوف .
واصلنا معركة الصّحون، والحديث يا إخوتي ذو شجون ،حين خمّسْنا بـ"الشّرْبة"و"الحريرة"، وارتكبنا أكبر جريرة، لمّا طلبنا "العُصْبان" والشخشوخة ، ياخاوتي صارت كرشي منفوخة ، فأرسلَ بنانُ معزوفةً و رَنّة،كالطّبل إذا غنّى..
وهنا هاجَ صاحبُ الدّار ومَاج :
ياسي الحاج، سَدِّسْ بـ"شطيطحة الجاج"، وماعليك بأسٌ ولا إحراج .
قلتُ في الحال: ونُسَبِّعُ بــ"الدّولمة"، في زمن "العولمة"، ونختمها بـ"الشوارما" ...
خاطبني بنان وهو زعفان :
يا ملهوف ، وهل نسيت "السّفّة" و"المسفوف" ، وهل تُراك تناسيتَ "الكعبوش"، في زمن تَهاوي العُروش ؟
صاح صاحب الدّار :
أستحقّ الخسف والقذف، والعار والشّنار ، لأني أدخلْتكم الدّار ...
قلتُ : لاتكن بخيلا أيّها الثّرثار...
سَنخْتِم هذه الجلسة البطنيّة لا الأدبيّة ، بصحنٍ من الباقلاوة والزّلابيّة"، ثمّ نُتْبعُها بـ"قلب اللوز"، فكلّ شيء عندكَ يجوز.
نطق بنان : الآن" لازم انّحي السّماطة بالدّيسير والسّلاطة ، ونزيد نْصلّي التّراويح في زاوية " شلّاطة"، ونعرّج على صديقنا "بوزرواطة " في "خرّاطة" كي نُصيب السّحور، وخلّي الموتور يدور ياخويا قدّور.
              رأس الوادي في : 30 شعبان 1434هــ / 9 جويلية 2013م

ثقف نفسك معلومات و حقائق



معلومات و حقائق:

- بطاطس برينغلز ليست مصنوعة من البطاطس .. فقط %42 منها مصنوعة من البطاطس أما ما تبقى فانه مصنوع من الطحين و الرز.

-جلوسك لوحدك في الظلام بهدوء تام وبدون إستخدام أي أجهزة كهربائية لمدة ٥ دقائق أو أكثر في اليوم يساعدك على تجاوز حالة التوتر والقلق.

-تقريبا 80% من ذكاء الطفل يأتي من جهة الأم.

-اول مالك لشركة مالبورو للسجائر مات مصاباً بسرطان الرئه.

-85% من الاشخاص يغيرون نص الرسالة كله إذا لم يعرف تهجئة كلمة واحدة.

-عندما تصاب مراة حامل بضرر في احد اعضاءها [مثل جلطة في القلب] يقوم الجنين بارسال خلايا جذعية للأم ليساعدها في اصلاح الضرار ‫

-لاتطلب من الشخص أن يهدأ إذا كنت أنت سبب غضبه، لأن ذلك سيزيد من عصبيته وتوتره.

-أن تُصبح كسولاً تماماً في ٤ أيام من الشهر هو شيء جيد ومفيد لصحتك جسدياً ونفسياً.

-تزداد سعادة الإنسان عندما يكون مشغولا، ولكنه مبرمج على الكسل!

-يمكنك زيادة احتمالية اقناع شخص ما بعمل شيء ما لك بطريقتين : الأولى أن تهمسها في أذنه اليمنى الثانية أن تمسك بساعده و أنت تطلبها منه.

-بؤبؤ عينك قد يتوسع بحوالي %45 عندما ترى شخص تحبه.

-هل تعرفون معنى اسم الله "الجبار" ؟ كثير منا يعتقد انه يعني القوي الشديد هو يعني: الذي يجبر القلوب المنكسرة ، سبحانك ما أرحمك.

-البعوض بعد أن يمص دمك يتبول عليك !.

-تكلم مع نفسك فهذا يجعلك أكثر ذكاءا وليس مجنونا كما يعتقد البعض.

-مشاهدة فلم رعب قد تحرق ٢٠٠ سعرة حرارية أي ما يساوي نصف ساعة مشي.

2013/06/29

المقامة التّبّانيّـــــــــــــــــة بقلم: البشير بوكثير / رأس الوادي (الجزائر)



إهداء: إلى روح العلاّمة والفهّامة "محمّد العربي بن التّبّاني" رحمه الله تعالى ،أرفع هذه المقامة .
حدّثنا الفتى الهُمام، عن شيخ العلماء في المسجد الحرام، بعد أنْ صام وقام :
هو "محمّد العربي بن التبّاني"، العالم الرّبّاني ، والزّاهد الرّوحاني، وشيخ العلماء في المسجد الحرام، وبليغ بُلغاء الكلام، وجهبذ الفقهاء في معرفة الحلال والحرام .
ولد بمدينة الأجواد، وقلعة الفقه والعلم والجهاد، وقبلة النّشامى الأمجاد، "رأس الوادي".
حفظ القرآن، وهو غضّ الأفنان، طريّ العود والأغصان، فكان فتى الفتيان، في حلبة العلم والعرفان.
هو النّاسك العابد، الورِع الزّاهد، وحمامة المساجد، وهوالرّاكع السّاجد، للقاهر الواحد، الذّي  شرفت به قبيلة "أولاد عبد الواحد" ، لمّا حفظ المتون وأتقنَ مبادئ العقائد، فأتى بالفرائد وحازَ زبدةَ الفوائد.
 تلقّى العلمَ الرّاسخ، على شيخِ المشايخ، "عبد الله بن القاضي اليعلاوي"، ولا عجب  في ذلك يا عمّي "لهْواوي"،فهو سليل خاله الشيخ "السّعيد بلعيساوي"، الذي سارتْ بذكره الرّكبان في الحواضر والفيافي .
فقد حثّه على السّفَر، والجلَد والصّبر، بعدما غرسَ فيه العفاف والزّهد والطُّهْر، ليكون العالم الحَبْر، في ذلك العصر، ولافخر .
وفعلا لبّى النّدا، وأغاظ  بعض العِدى، فحطّ عصا الترحال، في الحال، في رحلة ميمونة،إلى جامع الزّيتونة، الدّرّة المصونة، والجوهرة المكنونة، فكان بحقّ، مثلما نطقتْ  به ألسنة ُالصّدق "ممّن أدركَ العلم بالمصباح، والجلوس إلى الصّباح، وبالسّفر والسّهَر، والبكور إلى الفجْر ".
 ومن الزيتونة الميمونة، يمّمَ شطر المدينة ، حيث أدركَ السّادةَ النّجباء، والمشايخ الأجِّلاّء، والفقهاء النّبهاء، والمصاقعة البُلغاء، فنهل من معين شيخ شنقيط، لامِن الماجنِ العبيط ،صاحبِ"مالَ بنا الغبيط"، كما أخذ العلم على "حمدان لونيسي"، أستاذِ شيخنا "الباديسي"، الذّي فاقَ في عصره نباهةَ "الإدريسي".
   ولمّا جعلَ العلم زاده، وغايته ومراده، وبوصلته وسداده، فقد نقلَه دعاءُ   الأولياء الكرام ، إلى المسجد الحرام...
 حين وصل تلك الدّيار، احتضنَه الأطهارُ الأخيار، وأفْرَشوا له القلوبَ والأزهار، وهاهو ذا يرتشف الماء الزّلال،من أفواه الرّجال، فيغرف من فصيح الكلام، ويعرف ترويض الأفهام، من العالم القَمقام، ومُحقّق ذاك الزّمان،"عبد الرّحمن الدّهّان"، صاحب الدّرر الثِّمان، والآيات الحِسان، في فهم بلاغة وأسرار القرآن.
 نِعْمَ الجليس ، حين اعتلى كرسيّ التّدريس، فأزالَ كلّ دجلٍ و تلبيس وتدليس، ولاغرو في ذلك فهو صنو "الإبراهيميّ" و"ابن باديس"، في مقارعة وكشف زيف "باريس".
وهاهو الشّيخ الجحْجاح، والقمر الوضّاح،  والقنديل والمصباح، ينشر الشّذى الفوّاح، فيغمر البطاح، فتظهر للناس مدرسة "الفَلاح"، على نهج القرآن، والأحاديث الصّحاح ، وتصون  عقيدةَ المسلم وسليقة العرب الأقحاح .
 لقد رجَحَ علمُه في الميزان، وعلا شأنه حتّى بزَّ "بديع الزّمان"، بزهده تنمّقَ العلمُ وازدان، وفاحَ بالعبَق والعنفوان، في خميلةِ العلم والعرفان، فأهدى تلامذته  صدْقَ الإيمان ، على طبَقٍ من  السّوسن والرّيحان.
 أيْ بُنيًّ : انهض ولا تقعد، والحقْ بالعلاّمة الأمجد، والدّرّاكة الأسعد، والفهّامة الأوحد، فهو في فنون النّحو والسّيرة والتّجويد، مثل "يحي عبد الحميد" ،أو "ابن العميد" في الكتابة والتّنضيد، يأتي بالمفيد، لكلّ طالبٍ مُريد،  وهو مَنْ قرّبَ وسهّل  المسالك، إلى" مُوطّأ الإمام مالك"، وبذلك أنقذ َالعامّة والخاصّةَ من شرّ المهالك .
  أتى بالعجب، في خدمة لغة العرب، وهاهو ذا كتابه " محادثة أهل الأدب، بأخبار وأنساب جاهليّة العرب"، يُغنيكَ عن المال والذّهب.
 عرفَتْه الحلقاتُ الشّرعيّة، والمنابر الدّعويّة، مُنافحا عن السّيرة النبويّة ، والعقيدة السّلفيّة ، لا التّلفيّة ،فقد ختمَ على مُريديه  سيرة ابن هشام وعقود الجُمان، والإتقان في علوم القرآن، ولسان الميزان، وفتح الباري والإصابة، وأسد الغابة في تراجم الصّحابة، والكامل لابن الأثير، وتاريخ الطبري لابن جرير، ووفيات الأعيان لابن خلِّكان، وطبقات الشافعيّة، دون أن ينسى طبقات المالكيّة  .
   وإذا أردتَ الزّيادة، فاقصد حلقةَ درسه في "باب الزّيادة"، وإذا أردتَ نيل الحظوة ،وإبعاد البلوى والصّبْوة، فجالسْه في "الحصوة".
 وإذا أردتَ أن تكون من ذوي الحصافة والنجابة، فاقرأ سِفره" إتحاف ذوي النّجابة، بما في القرآن والسّنة من فضائل الصّحابة".
وإنْ شئتَ اختصار الكلام ، عن المسجد الحرام، فعليك بكتابه " خلاصة الكلام، فيما هو المراد بالمسجد الحرام".
 وهبَه الإله الأكرم، سرعة الحفظ والفهم، ونعمة الزّهد والعلم، وشيمة الورع والحِلم، حتّى شُبِّه بــ"ابن أدهم".
 حازَ المكرمات، فكانت له كرامات، في تلك البقاع الخالدات، والجَنَبات الطاهرات ، واسمع لهذه الأبيات الرّائعات، لتلميذه "محمد أمين كتبي" وهو يصدح بالشمائل الخالدات ، لإمام الزّهد في الفلوات:
  مَن كان يعتزّ في علم وفي أدب ** بشيخه فأنا أعتـــــــزّ بـ"العربي"
شيخٌ تمكّنَ فيه الفضلُ فانبثقـــتْ ** أنواره فحكتْ سيّارةَ الشُّــــــهُب
 هذا ربيعٌ فلا تعجب إذا جمعتْ ** هذي الحدائقُ بين الزّهر والعشب
    رأس الوادي في :27 جوان 2013م

مع فائق التقدير،
البشير بوكثير رأس الوادي

2013/06/20

المقامة النَّحْناحيّــــــة - بقلم: البشير بوكثير / رأس الوادي



 المقامة النَّحْناحيّــــــة
- بقلم: البشير بوكثير / رأس الوادي (الجزائر)
إهداء: بمناسبة الذّكرى العاشرة لوفاة الشّيخ محفوظ نحناح رحمه الله ،أرفع هذه المقامة عربون وفاء وتقدير لهذه القامة .
  حدّثنا البشير الحمساوي قال:
هو الشيخ "نحناح"، الشذّى الفوّاح، والفكر النّضّاح ، والذّهن المتوقّد اللّمّاح، والسّلسبيل الأقاح، رائد الدّعوة والإصلاح، في هذه البطاح، له القلوب دوما ترتاح، ولذكراه ترنّم البلبل الصّدّاح، وتضوّعَ العنبر  وفاح..
هو مَن أسكتَ النّحيب والنّواح، فصمتَ العويل والصّياح، لمّا في الورى نادى وصاح:" الجزائر حرّرها الجميع ويبنيها الجميع، فذا ب الجليد وانجلى الصّقيع، وعمّ رُبى الجزائر  السّلام والوئام وأمْرعَ الرّبيع .
    سكنَ حبُّه القلوب ، فزال الكدر والشّحوب، بعدما  كفكف الدّموع الحرّى، وأوقد الشّموع تتْرى، فأسعدَ الورى طُرّا ...
 هو الفارس الهُمام، واللّيث الضّرغام، والسيّد القَمقام، والشّجاع المقدام، عالي الشّان ورفيع المقام، صار للجزائر الشّارة والوِسام.
  هو المربي الألمعيّ، والداعية اللوذعيّ، والسّياسيّ الأروعيّ، والمصلح السّميذعيّ، ذو الوجه البهيّ، والخلق الزّكيّ، والقلب النقيّ الرّضيّ.
 خطبَ بحماسة ، فهدّ للباطل أركانه وأساسه، وقارع بالحجّة أساطين السّياسة، فأدخلهم متحف  سوق النخاسة، فشتان بين الطّهر وبين النّجاسة !
  هو حكيم الزّمان، وفارس البيان، نشأ في أحضان الذّكر والقرآن، وتربّى في مدرسة الإخوان...
هو سيّد الرّجال، وبطل الأبطال، حين تتكسّر النّصال على النّصال، جميل الفِعال، كثير النّوال، سهرَ الليالي الطّوال، ودافع دفاع الأشاوس الأبطال، في ساح الوغى والنّزال، وقارع الاحتلال، حتى فكّ عن شعبه القيود  والأغلال.
وجعل أسطورة جيش "قمير" إلى زوال ...مُحال أنْ يستوي الماء الآسن مع الماء الزُّلال !
خاض ثورة التّحرير، فكان الفارس النّحرير، كما شارك في معركة البناء والتّعمير ، فأتى بالشّيء الكثير في زمن يسير ،وقاد النّشء نحو التغيير ،بفكر النّاقد البصير ..
عرفتْه مدينة البليدة ، رجلا ذا همّة شديدة، وحكمة سديدة، ومآثر حميدة، فقد جمعَ كلّ شمائل القيادة الرّشيدة.
أسّس الجماعة ،على السّمع والطاعة، فبايعتْه الوفود وهي تحثّ الخُطا سِراعا، بعدما اتّخذتْ من سيرته منهجا ومَركبا وشِراعا.
 وهذا -يا بنيّ- رفيقه " محمّد بوسليماني" السّيف اليماني، والفصيح الهمذاني، واليعربيّ القحطانيّ، كان له السّند، والسّاعد والعضد، حين قلّ العَوْن والمَدد.
عشقَ لغة الضّاد، وترنّم بها في كل ناد، وهامَ بها في كل واد، وكان للرّطانة بالمرصاد، حيث تصدّى للتغريبيين الأوغاد، بحكمة وسداد، وبحجّةٍ يُعضّدها الفقه والرّشاد ،فكفانا  شرّهم ، وردّ كيدهم إلى نحرهم .
 هو رجلُ تسامحٍ وحوار، في زمن اللاّحوار،   بل في عشريّة قتل الأحرار الأطهار، والأطفال الصّغار،في سنواتِ  الجمر والدّم والنار.
حاربَ سياسة الفرْنسة والمرْكسة والتّغريب،  والفساد والتّخريب ،ونافح عن الهُويّة الإسلامية والتّعريب، ودافع عن "باديسية" الجزائر بمنهج مفكرٍ لبيب، وفكرِ مصلحٍ أريب .
ذاق ويلاتِ السجون، وتجرّع سمّ القهر والمنون، بصدرٍ رحب حنون، فقضى أصعب السّنون، رابط الجأش في دينه غير مفتون، مُتّخذا شعاره: أكون أولا أكون ، رسالةً لأجيالٍ لاتخون ...
والحديث عن السّجون ذو شجون !
وفي السّجن نادى المنادي، ياحسرة ًعلى العباد، تركوا إرث الأمجاد، وتمسّكوا برَوْث الأوغاد، ونبذوا ظهريّا هدْيَ خير العباد.
كان السّجن محنة أعقبتْها منحة، وقُرحة عطّرتْها فوْحة، وضيقا أعقبته سِعة ًوفُسحة.
فقد كوّن فيه أُسْدا وأشبالا ، شرّعهم قسِيّا ونبالا، وهيّأهم للجزائر ضَراغِمة أبطالا.
فهل يستوي مَن " اشترى -كيّة" بمن زهد في "المرسيدس و الـ kia"..!
 كان حصيفَ الفكر، واسع الصّدر، حاضر البديهة بعيد النظر، شديد الحذر، خبيرا بمكمن الشرّ والخطر، فانبرى للإصلاح والإرشاد ونادى حيّ على الفلاح، فخرجت جمعية الإرشاد والإصلاح،للناس مثل إشراقة الصّباح .
ثم أسّس حركة حماس،  الدّعامة والأساس ،على منهج القرآن والسنّة والقياس ، فكانت الوهج والنبراس، ملأت الدنيا وشغلت الناس، على الرّغم من  كيد بعض  الأنجاس .
 دخل معترك السّياسة ، بفطنة وكياسة، فخاض استحقاق الرئاسة، لكن تدخّلتْ قذارةُ السّياسة، فحوّلتْ عرسَ الديمقراطية إلى رجس  ونجاسة ، فما كان من حكيم السّياسة إلاّ أنْ تنازل عن الحقّ ليحقن دماء الرّعيّة والسّاسة .
 ولا عجب فهو المجاهد الأصيل، والرّجل الشّهم النبيل، أرّقتْه الحُقرة والضّيم فصاح صيحةً تشفي الغليل:" حقّار الرجال يموت اذْليل " ..
كفر بالحُقرة والبيرو قراطية ، واحتقر الاشتراكية والارستقراطية، وآمن بقيم العدالة والشورى -قراطية ...
 في العشرية الحمراء سكتَ العلماء وما سكت، وصمتَ أشباهُ السّاسة لكنه ما صمت، بل كان شعاره" من أجل الجزائر عشْ عزيزا أو فَــلْتمُتْ"..
وكم غلبه الشوق والحنين، إلى معشوقته فلسطين، فقد جأر بالآهات والأنين، وجهر بالصّبابة والهيام والحنين، وبكى الثرى والطين، واستبكى ملاحم بدر وحطين،حتى تمزّق منه القلب وتصلّب منه الوتين، فمات وفي قلبه حرقة، وعلى شفاهه شهقة، على رام الله والخليل وغزّة وجِنين..
مات الرجل الأمين، أبو المساكين، ونصير المستضعفين،  فبكته الملايين،في الجزائر كما في فلسطين، لأنه كان الحصن الحصين، والمدافع  الشّرس الرّصين على قضية فلسطين .
 هيهات لايجود الزمان بمثله ** إنّ الزّمان بمثله لبخيل
وإنّي يا أخي "مقري " أسمع بعض الهمس، من ذاك الرّمس، الذي غيّبَ البدر والشّمس ،يهتف بكم:
يارجال "حمس"...صونوا الوديعة كما بالأمس، ولاتبيعوا مجد "حمس" بثمن بخْس، في هذا الزّمن النّحْس ...
       فهل سمعتم النّداء يارجال "حمس " ...؟!
   رأس الوادي في : 19 جوان 2013م

2013/06/17

المقامة اللّورنسيّــــة . بقلم: البشير بوكثير / رأس الوادي (الجزائر)

المقامة اللّورنسيّــــة .
بقلم: البشير بوكثير / رأس الوادي (الجزائر).

وقفة : ما بين الجاسوس الصّهيوني  الفرنسي " برنار ليفي "،  و الجاسوس البريطاني  المتصهين "فلورنس العرب" ضاع الأعراب والعرب.
إلى أتباع لورنس العرب، وأشياع حمّالة الحطب ...
ما أشبه الليلة بالبارحة !
 واعذروني إنْ قسوت وما جفوت، فالحبيب يقسو على من يحبّ ...
حدثنا علقمة النحوي قال:
يمّمت شطر العرب، فوجدتُ بلادهم تغلي وتضطرب، من المصائب والنّوب، وثورات حمّالة الحطب ...
 أشْعل أوارها، ونفخَ سعيرها و وذرى قتامها وغبارها، ورفع شعارها أعراب كانوا ولازالوا   الجَرب والعطب والكُرب ...
هم من أهانوا الإسلام والصّلاة والسّجّادة، وحازوا القيادة بالخنا والخيانة و"لقْوادة"...
 ولاعجب فقد رضعوا حليب العمالة منذ الولادة ، فاستحقوا تاج الغباء والحمق والبلادة ...
آه ...يا شيخ "حمادة" لو عشت هذا الزمن لضاعت منك حكمة المشايخ والسّادة ، ولهجرتَ "مسك الغنائم"- مستغانم - بالولادة .
 هم الأعراب ...عقلهم خفيف، وفكرهم سقيم سخيف، ومكرهم بالليل كما بالنهار مخيف ، وغدرهم يسري في العروق كما يجري الدّم الشفيف في الشّريان الأبهر الرّهيف ...
كم ظلموكَ يا إسلام، حين قنّنوا لشريعة الغاب والقتل والحِمام، وتفنّنوا في وأْد البلابل والحَمام، وأعدموا الزّيتون وأحرقوا معه  غصن السلام ، وسجنوا الليث الضّرغام، وباعوه في عيد النّحر للأزلام ...
هنيئا لك يا" صدّام"، ميتة الشّهداء  الكرام ...
كم ظلموك أيّها الربيع، حين جعلوك سوقا للنّخاسة و البيع، باعوا فيه السّوسن والرّيحان، ورهنوا شقائق النّعمان، وابتاعوا الشّوك والسّدرة والصّبّار، لأنّ ثقافتهم لاتتجاوز رِجل الناقة وحافر  الحمار ...
   خدعوا الدّهماء  بأكذوبة تحرير الإنسان من أخيه الإنسان، وأدخلوا غريب الدّار ، وأهدوه حريمَ السّلطان، ودمّروا الإنسان والبنيان ، وقطعوا رؤوس الشجعان، وأكلوا قلوب الفتيان، لاكوها  بالأنياب والأسنان، فصاروا أضحوكة  هذا الزّمان، في الهمجيّة والطغيان...
 لقد هدّوا الأركان، وفتحوا باب الشيطان، بفتاوى ما أنزل الله تعالى بها من سلطان .
لقد عرفناك أيها الربيع مُزدانا  بالأزهار والنُّوّار، وبشدو الزرزور والهزّار، وبزقزقة الحَسّون وتغريد الأطيار ، وبحُداء  الجوري  في قافلة الأزهار، وبخرير مياه السّواقي والأنهار، وبوشْي الثمار والأزهار ترفل في الحلّة القشيبة والخِمار ، في الليل كما في النّهار ...
أمّا ربيعكم أيّها الفُجّار الأشرار، فقد تسربل بالنّار، وتبرْقش بالحديد والصّديد والدّمار، وتوشّى بالإعصار،حين عزَف "عرّابوه" سمفونية القتل والانكسار ، والغدر والختل والانتحار ، وأخرسوا سمفونية "موزار".
كم ظلموكِ أيتها الحريّة، حين أراق الأعراب باسمك ِالدّماء الزّكيّة، وهتكوا  عِرض كل شريفة تقيّة ...
كم ظلموا حقوق الإنسان، وقد جعلوها الشّعار والعنوان، في ثورات ربيع الشيطان، فقتلوا روح الإنسان، ودمّروا الأوطان، وأشاعوا الخراب والدمار في كلّ مكان ،  بمؤامرة بادية للعيان، لاتخفى حتى على العميان، ذكّرَتْنا بقصة "لورنس العرب "، وما فعله بالأعراب والعرب، الذّين استجاروا بالإنجليز، وطردوا الأتراك وجلبوا  قردة " شيمون بيريز" ...
وليس عجيبا على أتباع العاهر لا الشّريف  ، حين تحالف مع الإنجليز وأعمل السّيف ، وحكَم بالحيْف ،فهدّ الخلافة، وحاز  السّخافة، فمُنح  على خيانته العُصافة ، بعدما باع بغداد والرّصافة ...
و سلْ "فلورنس العرب"، و"سايكس بيكو"   دعك الآن من ميسي  و زيكو..فما أشبه الليلة بالبارحة يا عرب  الجَرب !
لكن ليس فيكم رجل رشيد ،حصيف الفكر سديد، يفقه خبث اليهود،  ومكر أبناء القرود ...
هو التاريخ يعيد نفسه، وهاهو  العربيّ الغبيّ يحفر  رمسه بنفسه، ويُغيِّب بَدْرَه وشمسَه، وينشر بؤسَه، ويندب بعدها حظّه وتعسَه...
 لكن  أعراب العرب، كما خبرتهم يا ولدي هم الجرب ،ومنهم كل العطب، ألِفوا تكرار  الخطأ والزّلل، فهم كالأنعام بل هم أضلّ.
لهم عِرق دسّاس، بعيد عن أرومة المهلهل وجسّاس، عِرقهم في بني قريظة وهاواي، سلْ عن جدّهم الأول "مردخاي" ...! و ستتيه حتما  مع أغاني  " الرّاينا راي"...
لقد نشروا الفتن، وقسموا الأوطان وزرعوا المحن ، وضيعوا بوصلة تحرير الوطن .
مالكم يا أعراب  نكأتم جراح غزة ، فضيّعتم الشّرف والعِزّة ، فولولتُم تبكون الأطلال وتتلهّون  بالتشبيب كما "كُثير عزّة" ...!
ها قد تفتّقت الموزة يا"موزة"، وتهشّمت الكوزة، وتسنّنت الحوْزة، فما لك يا "مُوزة"، تأكلين" الكيوي"  وترمين المَوزة و تتعبّدين في الحوزة، ثم تكفرين بالجوزة والموزة؟
قلت يا صاحبي : دعك من الموز والكيوي ، في زمن العهر، وتكلّس الفكر ..إنّه زمن "بني وي وي" .
             رأس الوادي يوم: 26 ماي 2013م

بأي بوح سأبوح

سأبوح بأي بوح سأبوح 

بكلماتي أو صمتي 

بحزني أو سعادتي 

لقد بح صوت كلماتي 

لأن عقلي  قد حار 

و قلبي قد توقف على ما يسمى شعور 

 أبوح بما لدي من شعور أو حكايات لا تكفيها الكتب 

أو بصمتي ؟؟

بماذا أبوح بغدر الحبيب 

أو خيانة صديق ؟؟

بماذا أبوح بضيق الحال 

أو نقص المال ؟ 

بماذا أبوح بقتل مباح 

أو أعراض تستباح ؟

بماذا أبوح ؟؟؟؟؟؟؟؟

دع كلماتك في صمت فلم يحن وقت البوح يا قلمي

تريث حتى تهدأ الأمور 

2013/06/16

المقامة الصدّامية بقلم : البشير بوكثير رأس الوادي



المقامة الصدّامية
بقلم : البشير بوكثير رأس الوادي

إلى روح القائد الرمز الراحل (صدّام حسين) رحمه الله تعالى في ذكرى استشهاده ، أهدي هذه المقامة .

تتحلّل العمائم.... وتتفسّخ الطلاسم....

وتترهّل شعارات الزّيف على نور الحقيقة لا الدّجل العاتم...

تنكشف سوءات أرباب الصولجان ....

عارا وشنارا ونارا وبركان....

تتعرّى حقائق أشباه الرجال وألقاب السلطان...

على طيف أقزام تُداس هاماتها بالرنجرس والأقدام...

آبار النفط وحقول الغاز ...

أبدلها الأعراب بالهمبورغر ونِفايات الرّوك والجاز...

أدخلوا غريب الدار حمى الشرف ...يا للعار!

ثمّ باعوا هندا ودعدا ولميس للتتار...

هتكوا أعراضهنّ في وضح النهار...

على مرأى جاسم وعدي وعمّار...

لم يعد للفضيلة طعم ولا لون في هذه الديار...

ألبسوها حُلل العهر ورموا بها في مفاوز القفار...

شربوا الماء الفرات على ضفاف دجلة والفرات...

حلّقوا شوارب الأفذاذ ...

نتفوا مغاور الفحولة واستبدلوهما بالماكياج والرذاذ...

صار قُصيّ هو الخصيّ ...

وعُديّ هوالعادي في سوق نخاسة الأحرار...

هم من قلبوا للأخ الشقيق ظهر المِجنّ...

هم من أشعلوا الحريق في البدن وفي الكفن...

هم من ساموه خسفا وحيفا وألقوه في جُبّ المحن...

هم من أورثوه الهوان والإحن...

هم من فتحوا عليه منافذ الشرّ والحوب والحروب والفتن...

وباعوا بعدها الوطن...

ثمّ وضعوا الرّسن...

هم من أتوا ليلا يتّموا الأطفال زغب القطا ...

هم من رمّلوا أسماء وميسون ونصّبوا اللقطا...

فكان أمرهم هباء فُرطا...

لمن تشكو بلواك يا صاح...

وهل يسمع أنينك قلب صاح...؟

وهذا النّواح يتردّد صداه عبر هاتيك البطاح...!

هل تُرى حرّك نخوة الحرّ فامتطى صهوة الأدهم يشقّ فضاء عزّتنا المنساح؟

أم أنّ كلّ شيء صادره أسياد العالم الوِقاح...

وشيوخ القبيلة الأقحاح...

يرتعون مع الغواني والأقداح...؟

آهٍ منك يا صاح...!

في زمن الانتحار والانكسار...

على أعتاب البيت الأبيض والأحمر المنهار...

وخيانة بيت الله الحرام...

وتسليم مفاتيح القدس لأولاد الحرام...

سكت الحليم وصار حيران...

وافتقر السخيّ وصار جوعان...

وقام خطيبا كلُّ رعديد جبّان...

لا تلمني إنْ أنا كسّرتُ يراعي ...

وصرتُ أرعى مع القطعان...؟!

المقامة السّفسطائيّــــــــــــــة بقلم البشير بوكثير



بقلم : مجنون الدشرة: البشير بوكثير /رأس الوادي
ملاحظة: هذا الموضوع سبقَ لي وأنْ نشرتُه بجريدة "الشّروق العربي" منذ سنوات تحت عنوان"تهافت العلمانيين"، ثمّ أعدتُ نشره بمجلّة "أصوات الشّمال" بعنوان"تهافت العلمانيين والغربيين ، وتخافت الإسلاميين والانبطاحيين!".
وها أنذا أعيد نشره للمرّة الثّالثة تحت عنوان "المقامة السّفسطائيّـــة" لأنّي وجدتُ أسلوبه ينسجم وأسلوب فنّ المقامة ، مع بعض التعديل الطّفيف، والسّجع الخفيف...

هذا العنوان ليس ربيبا ولا صنوا لتهافت الفلاسفة ، وإن أخذ منه الاسم والرّسم ، لاسيما إن أسقطنا مضامينه على أشباه السّياسيين ومُحترفي التّسييس والتّسويس - من السّوس- ، لأنّ السّياسة كياسة ، والسّوس ثلْم وخرم يفري أضراسه، ويلقي أنجاسه، فبعض الجراد السياسي الأحمر بالوراثة في مفازتنا الجدباء، لا يقوى على العيش، إلاّ بالدّجل والطّيْش، ولا يهوى النّماء، إلاّ بمصّ الدّماء. حتى إذا لم يبق أمل في المصّ والقصّ والقرض-في زمن القوارض التي تأبى الانقراض- هاجموا الكلّ بامتعاض ، ولا سبيل للاعتراض. أمّا أنا فأقدم هذا الكوكتال معارضا جدي الأكبر الشّيخ الإبراهيمي -رحمه الله- في مقاله "سجع الكهّان" ، متقمّصا شخصية كاهن الحيّ أو ما أسميتُه "مجنون الدّشرة"، الذّي لايكفر بالعِشرة ،ولو أذاقوه المُرّ مليون مرّة.
وإليكم هذه التّوليفة الخفيفة ، التّي تبدو للبعض سخيفة ، وهي إسقاط على واقعنا المحلّي والدّولي الذي كاد يصير "جيفة" ...
إنّ فلاسفتنا القدامى دفعَهم حُبّ التقصّي والتأمل إلى سلوك شتّى المناهج الاستبطانية والتجريبية والتحليلية، مستعملين أشتات القوى الذهنية، ومتارس التجربة الحسيّة التي قلّما تزِلّ أو تضلّ. غير أنّ بعض سياسيّينا بشطحاتهم الصّوفية-من الصّوف الذي غزلوه وحاكوه أنكاثا وليس من التّصوّف- جرّبوا مناهجهم دائما وأبدا، وسرّبوا جُلّ طرائقهم قِددا، حتى أخنى عليهم ما أخنى لُبدا-على لبد-،فاكتشفوا -وبئس ما اكتشفوا- أنّ الرّعيّة التي ساسُوها فوسْوسُوها ، وقاسُوها-من القياس- ففركسُوها، وراسُوها-من الرّياسة- ففلعصوها وعرقَسُوها-من عرق السّوس-هذه الرّعية غاشي راشي-بمعنى بالٍ وليس من الرّشوة-نَخرتْه الأرَضة من الأساس فأضحى بلا إحساس.
هذا اكتشافهم العجيب، لشعبٍ نجيب، رفض الخنوع والخضوع،لأصحاب الضُّروع- وما أدراك ما أصحاب الضّروع؟-ليس لهم يوم التّنادي الحصون والدّروع.
وفي هذه الأثناء يُلقي عليّ شيطان شعري أشطانه كالأنواء عند قوم لي بالأذواء-أمراء اليمن-ما قاله الشّاعر الحكيم في الخطب الجسيم: وطاولت الأرضُ السماءَ سفاهة * وفاخرت الشُّهبُ الحصى والجنادل.
فيا موتُ زُرْ إنّ الحياة ذميمة *ويانفس جدّي إنّ دهرَكِ هازل.
فلا أقسم -كما أقسَم جدي الإبراهيمي- بالحيْف،ومرابط الزّيْف، إنّ أكابر القوم لم يُعملوا القلم والسّيف .
ويا سعدي -من السّعد- وليس سعدي الأرسيدي-ويا سواد ليلي وسُهاد وعْدي ، نزل غُراب البيْن في الحين فشلّ الدّين وشال-رفع باللهجة المصرية-الطين ، وتاجر بحطّين وفلسطين، التي بيعت في زمن نحس بفلس-قروش-طين. وبثمن بخس .
رهنوا بغداد، للعضاريط الرعاديد عُلوج الأمريكان في ذاك الزمان في سوق نخاسة الأسياد، مُقايضين دولة "إسراطين" التّي تمخّضت عنها ثالثة الأثافي ،وألمعية القذى-مايسقط في العين-في الفيافي ، فوقع القذى هذه المرة في في-فمي-.
لا أقسم بالذيب الأطلس والثعبان الأملس - كما أقسم بهما جدي كاهن الحي - إنّ أمْرَ العشيرة لأتعَس وأركس، وأنّ حرائرهامن"دعْد "إلى "لميس" لم يَعُد ثغرهُنّ أملس ، ولم تنفع صيحة (أخو هوازن )الذي صار كالأخرس.
أيها الأباطرة الأكاسرة، منكم والقياصرة ،كذب "أوباما "الوعد،وأتبعه"ساركوزي"الوغد، حين خان "النتن-ياهو"العهد. ومتى كان للعتلّ الزّنيم وعد أو عهد؟! إلا إذا تضوّع المسك بريح الرّند-نبات له رائحة وليس الأرندي- فلقد غاب السّعد حين أورد الإبل سعد-ليس سعد جاب الله-، وباع العير والنفير ، والثمين والقطمير ، وابتاع النفيس بالحقير وأردى -من الرّدى- الدهماء المرتع الوأد.ذلّ مُبيد ، وشيطان مَريد، دخل بين الظفر واللحم لا يميد، فدَخَنَ أرُومة الشّهم لا يحيد، وصيّر الأباة الأشاوس، والرماة الفوارس كالعبيد.
والكرسي الوثير، والتاج المنير، وحَرِّ العولمة والزمهرير، ألم يأتكم من مجنون الدشرة نذير ، هلك التحالف لمّا وقع التخالف، فضمّ القواعد والخوالف، فيما أسلفت سالفة السوالف، وانبرى للحقّ رهطُ شِقّ ، وسّعوا فجوة الشَّقّ ،جعلوه سفاسف...!؟
لاأقسم بذات الحفيف ، والجناج الخفيف -كما أقسم جدّي - أنّ الأرض زُلزل زلزالها، وأُخرِجت أثقالها وأحمالها، فطفح الكيل، ونضَح السّيل بالويل، على العُميم والخُويل، فلم يُجدِ نذير ولا تحذير ، إنّ الزمان الذي حَزَبَ الأحزاب وحزّ-قطع- الرّقاب ، وسرَب السّراب،لآتٍ إنْ لم تصْح الضّمائر، وتتطهّر السّرائر،قبل أن تُبلى السّرائر،مالها يومئذ من ساتر ...!
وفي لحظة الجنون هتف هاتف : يا "بشير" لقد صدق جدّك "البشير"-الإبراهيمي -:(فهم كثمود، حين لاح لهم من البرهان عمود فضلّوا، أو كقوم هود، حين أُخِذت عليهم العهود فزلّوا).

2013/06/15

المقامـــة الإبراهيميّة بقلم : البشير بوكثير رأس الوادي



 المقامـــة الإبراهيميّة
بقلم : البشير بوكثير رأس الوادي

-الإهداء: إلى روح جدّي الأكبر الشّيخ محمد البشير الإبراهيمي – عليه شآبيب الرّحمة والغفران من الواحد الدّيّان- أهدي هذه المقامة في ذكرى وفاة العلاّمة .

حدثنا البشير السّحمداني قال:

شدّني الحنين إلى مرابع قبيلة شيخي الأمين ، وبعد مسيرة نصف ساعة، كانت نفسي تتوق ملتاعة ، لرؤية الشّمس اللمّاعة ، والقريحة المنصاعة ، بل لمعدن الوَضاءة والمـَـلاحة، وملك البلاغة والفصاحة ...

وصلتُ القرية والمحلّة ، وكانت الطّلّة... فما أحلى الطّلّــة على قرية "سيدي عبد الله" بالخرزة القبلية تزول الأسقام و تختفي العِلّة ، وبخاصّة إذا اكتست أبهى حُلّة، وتبرقشتْ ريحانةً وفُلّة ، وفاضتْ مثل مُزْنة مُنهلّة.

وصلتُ الخرزة القبلية فوجدتها تتلألأ بالحُلل السّندسية ، وتسطعُ بالأنوار السّنيّة ، والأزهار الشّذيّة ،وترفل في فُرُشٍ خضراء نديّة ، وآكامٍ غضّةٍ طريّة ، تتمايل تمايلَ الحسناء البهيّة، في ليلة قَمريّــة .

وجدتني في مرابع قبيلة "أولاد ابراهم" ،مهد الفقه والعلم وسَمْتِ العمائم، ومُحطّمة أسوار البدع والتّمائم ...وصلتُها شبهَ نائم ، بل قُلْ بسحرها هائم ، وفي هواها سابح هائم، وعن القول عَيِيّ صائم، ولزيارتها لستُ بِنادم .

وبعد بضعة أمتار مَسير ،كنتُ شبهَ أسير، بهوائها العليل مثل الإكسير ، التقيتُ بشيخ كبير، يرتدي الجبّة والعمامة ، كأنّه من قبيلة "تهامة "... طويل القامة، ناصع الهامة، فقلت هل تأذن لي بالنّزول إلى المرابع لأدبِّجَ مقامة،تليق بالشّيخ البشير العلاّمة؟

قال : على الرّحب والسّعة، لكن لاتكن ثرثارا وإمّعة..

تنزّهتُ معه في المروج، واتّخذتُ صهوةَ يراعي مثل السُّروج ،ثمّ بَسْملتُ ورتّلْتُ (والسّماء ذات البروج)، وتأهّبتُ للصّعود وللعُروج.

أسندتُ ظهري إلى بيت عتيق، كأنّ حجارته من دُملج وعقيق...

قال: استمع يا ولدي الأنيق، والحسّاس الرّقيق :

هو الشّيخ الفقيه ، والعلاّمة النّبيه ، لاتكْفِه مقامة، ولاتُضاهيه في الجزائر قامة، فهو في خدّها خانة و خامة وَشامة .

هو محمد البشير، العالم الكبير ، والجهبذ النّحرير، والأديب اللبيب، والشّاعر الأريب، هو من أشرف القوم أصلا ومحتدا، وصدرا وموردا، ونجما وفرقدا، كان غُصّةً في حُلوق العدى ،أذاقهم السّمّ الزّعاف بل الرّدى، وكان للصّحب غيثا وموردا ، ومنهلا للجُود والنّدى، ماغرّدَ طائرٌ أو شدا ، والحمد لله لم تذهبْ جهوده سُدى .

يعود نسبه إلى الأشراف الأدارسة، ذوي الأطلال الباقية لا الدّارسة ،الضّاحكة لا العابسة ، فأكرمْ ياولدي بالأشراف الأدارسة !

لقد عاش في هذا البيت، على قنديل الزّيت ، لايؤمن بـ"لو" ولا بـ "ليت"...!

علّمه عمّه "محمد المكي" الأصول والمُتون، ولقنه شتىّ ضُروب العلوم والفنون، فأتى بمالم يأتِ به الأوّلون، فقرّتْ به العيون، ونام مِلْءَ الجفون،مثلما نام "أبو الطيّب" في تلك السّنون.

بعدها يمّم شطر تونس الخضراء وتفيّأ ظلالَ "الزيتونة" الميمونة بجامعها العتيق، ودرسِها المُمّحص الدّقيق...

ارتشفَ من منهل" الزيتونة"، تلك الجامعة الميمونة، والدّرّة المصونة ، والجوهرة المكنونة، في أفئدة كل جزائري ساكنةً مدفونة، لكن وا أسفا على الزّيتونة ...!، صيّرها أراذلُ القوم اليوم مَهيضةَ الجناح مغبونة.

ثم غادر إلى مصر المحروسة ،في رحلة قصيرة مدروسة ، طلبا للعلوم النّفيسة المحسوسة ، وهناك التقى بقادة الرأي وأعلام الفكر، وجهابذة العصر،ومصاقعة الدّهر ، من كل قُطْر ومَصر ، فأفاد واستفاد، ونهل من أزهرها الشّريف خير زاد، فصار في الورى الأسّ والعِماد.

بعدها غادر إلى الحجاز ، مهبط الوحي ومصدر الإعجاز،وسكنَ المدينة ، فتحرّكت لواعجُه الدّفينة ، وهناك التقى رفيق دربه، وبُطينَ قلبه" ابن باديس" الإمام، والمصلح الهُمام ، والأسد الضّرغام، في ساحِ مُقارعة اللئام الأشرار، فتدارسا أحوال الجزائر تحت نيـْر الاستدمار.

وبعد ثورة الحسين الشّريف - وماهو بشريف من يتحالف مع العدوّ ويُناصرالزّيف، ويقلبُ ظهرَ المِجنّ للطّاهر العفيف-، يهاجرُ العلاّمة الهُمام ، إلى بلاد الشّام ، فتبتسم له الأيام، وتُرخي له الزّمام.

وهكذا ساقته الأقدار، بعد حنين وادّكار،إلى شآم الأحرار، وهناك حلّق وطار ، وصار أشهرَ من علم فوقه نار ...

أنشدَ للغوطة الغنّاء ،مواويلَ تُقطّع القلوب وتُمزّق الأحشاء ، وشدا لدمشق الفيحاء، و ترنّم لحلب لشهباء ، روائع الدّرّ وغنج الدّلال، بل السّحر الحلال، والماء الزّلال بلا جدال.

لقد خلّف ضراغمةً وأشبالا ، وربّى لُيوثا و رجالا ، صاروا فهودا وأسودا وأبطالا ، رضعوا لبان علمه شهْدا و حليبا، فنبغَ فيهم "جميل صليبا" ...

عرفه الجامع الأموي ، في عصره الذهبيّ، فكان نِعم الأستاذ اللغويّ، والشيخ المربي الأبيّ...

ولمّا نادى المُنادي ، حيّ على الجهاد، لبّى النّداء، وعاد للجزائر الجريحة الولهاء، وأسّس رفقة "أخيه" جمعية العلماء ، لإحياء ماضٍ تليد، وتاريخ مجيد، حاول طمسَه الاستدمار الرّعديد .

لقد قيّض الله تعالى للجزائر خير جمعية أُخرِجت للنّاس، كانت الأساسَ والنّبراس ، بل الرّوح والأنفاس ، والسّوسن والآس، هي جمعية العلماء رافعة الهمّة والرّاس ، وبالغةُ القمّة ياناس !

قادها رُوّادُ أعمال، لامَاضِغِي أقوال، هم رجالٌ ليسوا كباقي الرّجال، وأبطالٌ ليسوا كباقي الأبطال ،نَسُوا في خدمتها الكرى والشّهوات، فَجابوا المداشر والفلوات، ونادموا الذّخائر والدّفاتر، وسامروا -كما قيل قديما- القماطر والمحابر ، ونظموا القلائد الثّمان، بالزّبرجد والعُقيان ،في جِيدِ الزّمان، وتركوا أياتهم الحِسان ، شاهدةً على مآثرهم عبر الأزمان .

لقد أجالوا في هموم الأمّة أبصارهم، وبـثُّـــوا فيها أفكارهم، ووصلوا ليلهم بنهارهم ، وأنفقوا في الذّود عن حياض العلم أعمارهم ، فتفتّحتْ في رُبى الجزائر المكلومة أزهارهم، وتعطرت بعبقهم وتكحّلت بأنوارهم، فكانوا الهداة الأباة، في عصرالبدع والخرافات .

وهنا بسْمل الشّيخ وتهلّل، كالبدر حين اكتمل وقال:

يا ولدي الحبيب ، ماذا أقول في شيخين جليلين حاربا الجهل والحيْف، والبدع والزّيف ، ورسما معالم الحقّ بالحكمة لا بالسّيف. أمّا أوّلهما فهو المصلح الفقيه، والزّاهد النّبيه ، والشاعر النّادر، والبحر الهادر ، بل المحيط الزّاخر ، باللآلىء والجواهر .فأكرمْ به من مصلح ثائر ! هو العلاّمة الفهّامة شيخ المصلحين ، ورائد النّهضة الأمين، الشّيخ "عبد الحميد بن باديس" ، قاهر باريس ، وداحر زيف الفرنسيس ، كان نعم الجليس، وخير الأنيس ، فهو الذي بنى عقول النّاشئة وشاد،وارتقى بهم في مدارج الكمال وساد، وما انحرف يوما عن منهجه ولاحاد .

لقد أخذ بيد النّشء إلى الفلاح والنّجاح، وغرس في قلوبهم محبّة آي القرآن والحديث الصّحاح، وأذكى مروءة العرب الأقحاح ، ونشر الخير ونثرَ بُذور الإصلاح، فوق هذه الوهاد والبطاح .

وأمّا ثانيهما فهو ثاني اثنين إذْ هما في الجمعيّة ، بعزيمة قويـّة ، وهمّة ذكيـّة ، وسريرة نقيّة، ونفس أبيّة.إنـّه الأديب اللّبيب ، واللّغوي الأريب، العلاّمة الأمجد، والدرّاكة الأسعد، والنابغة الأوحد... هو -يا ولدي- الفهّامة اللّوذعيّ، والعلاّمة الألمعيّ، والخطيب الأروعيّ، والمُفوّه السّميدعيّ: شيخنا البشير الإبراهيميّ الذي جمع فصاحة اللسان، وقوّة الجنان، ونصاعة البيان، فخجل من سحره سحبان .

لقد فاق "الأصمعيّ" في غريب اللغة والأنساب ، وبـَـزَّ "قُسّ بن ساعدة" في البلاغة وفصلِ الخطاب ، وأغاظ البُلغاء والوُعّاظ في سوق عكاظ ، حتّى قلّده "عبد المالك مرتاض"، فلم يأتِ سوى بالرّذاذ.

أبهر "علي الطنطاوي" في سرعة البديهة، والحافظة العجيبة النّبيهة، فهو كعنترة يوم الوغى والكريهة .

هو من نادى طول المدى : لن يتحرّر جسدٌ يحمل عقلا عبدا ... وأنا أقول صدقت يا شيخي "البشير" فقد كنتَ في نحر "قمير" برقا ورعدا، ومُهنّدا يمانيّا مصقولا صَلدا ، لم يعرف يوما له غمدا، ممتشقا للعلا صُعدا، "ربّي لاتذرني فردا" .

كان أسدا هصورا، وهزبرا على الأهوال جَسُورا، ومُصلحا فذّا صبورا، ومجاهدا غيورا،يبغي تجارةً لن تبور ...

لقد أتى في منفاه بــ"آفلو" بالفرائد، فزيّن الطّروس بالقلائد ، فأكرمْ بها من درر وفوائد ...!

حاز التقدير والوقار، وغرّد في سمائنا مثل الهزّار، فحفظ الأسرار، وبلّغ الرّسالة بكلّ اقتدار ، أكرمْ به من شهم مغوار ، لايشقّ له في ميدان البيان والجهاد غبار ..!

هو من وَشَمَ على جِيدِ الجزائر الحُبّ الصادق، ورسَم على هامتها الوفاءَ الخارق، ووسَم على قامتها الوردَ والزّنابق ، ودبّجَ بالدّمقس والنّمارق ،أحلى الرّقائق، وأقسم في حبّها بـ"السّماء والطّارق "، ولاغرو فهو سليل عقبة وطارق .

ثمّ تنهّد الشيخ وقال : يا بشير ... لقد رمتكُم "أولاد ابراهم" بابنها البار ، وصارمها البتّـار ، وفارسها المغوار ، فكان أشهرَ من نار على علم أو علم فوقه نار ، واستُرْ يا ستّار ، عبدك "البشير بوكثير" من عين الحسّاد والأشرار.

يا ولدي بشير ... إنّ جدّك "البشير"هو الرّجل الرّشيد،و العقد الفريد، والبلبل الغرّيد، والفكر السّديد، والمُربّي الفذّ الصّنديد، ومسطّر المجد التليد ، لأمّة لن تبيد، بعزم يفلّ الحديد، وحزم يقهر الجبان الرّعديد. وهاهي ذكراه ، تتردّد على الشّفاه ، فكيف بربك نسلو عنه أوننساه؟!

قلتُ يا شيخي الوَدود، ذكراه دوما تعود، بالخير والبِشر والسُّعود،فترسم على الشّفاه البسمة واليُمنَ والجود، فكيف ننساه وهاهي ذكراه تتجدّد ويتردّد صداها في الوجود، ولابدّ أن تعود لتأخذ بناصية الأجيال وتقود، إلى المجد والسؤدد والصّعود، وتنثر عبقها مثل العنبر والعود، ويتضوّع أرجُها ليُسكِرَ الزّهر والورود، وأيْمُ الله هذا لساني "لي ياكلوا الدّود" عاجز عن التعبير في حضرة أسد الأسود .

ومهما أسهبتُ وأطنبت، ودندنتُ وأطربت ،فلن أزيد في القمر نورا ،أو في نفوس الورى سرورا . لقد كان السّنا والشعاع، والمؤانسة والإمتاع والإقناع ، وروعة الفكر وقمة الإبداع، وحكايته مع فتنة الضّاد صنعت الدهشة والإمتاع ، وترحاله في أرض الله بسطَ له جناح الفهم والإقلاع بلا شراع .

لقد تعرّفتُ على فكره منذ الصّغر ، فطافت بخَلدي أحلى الصّور، معلّما مصلحا يريد الظّفَر، يبني العقول يدكّ الحجر ، فيصنع في سنوات ، شبه معجزات، وتصير الفيافي بساتين خصبٍ ربوع نماء وحياة .

حارب الجهل والجمود، وقطع آلاف الحدود، متحديا كلّ القيود ، كاسرا جدران السّدود، فطلع النهار ، وأزهرت القفار، وتحقّق الانتصار ، على فلول الاستدمار، وانجلى الصّقيع، وأمْرعَ عشبُ الرّبيع، واكتسى بالوشي البديع ، معلنا ميلاد شعبٍ لا يبيع ، حفنةً من ثرى الوطن المنيع .

حديثك العذبُ -شيخي- تذوقناه عذبا، أينع زهرا وحَبّا ، وأورقَ وفاءً وحُبّا ، وسكن فؤادا خاليا واستوطن قلبا ، يهيم بحبّ الضادّ وينجذب إليها جذبا .

كلماتك-شيخي- ضمّدت جروحي، وبلْسَمت قروحي، وسمَتْ بمهجتي وروحي ، وشادت في الورى صروحي، وكانت ملهمتي بل نبضي وبوْحي ...

نهض الشّيخ متلهّف، بكلِمٍ راقٍ مُهفهف، ثمّ أردف:

يا ولدي بشير... هل يوجد أشجع ممّن عمل في أشرف ميدان،وذاد عن حرمة التعليم الحرّ والإصلاح بأقوى سلاحٍ وأمضى سِنان ؟ وهو ميدان بناء الإنسان ، وتهذيب القرائح والأذهان ؟ قلتُ يا شيخ : لقد بلّتْ نفحاته وشوارده اللغوية ما في جوانحي من الصّدى ، وأنعشتْ عقلي الكليل انتعاشَ الزّهر بِلَثْمِ قَطْرِ النّدى ، وهزّتني فصاحتُه هزّةَ النّشوان، وسَحرتْني آياتُه الحِسان ، فجعلتني مثل العربيد السّكران -وإنّ من البيان لسحرا - ، هكذا نطق العدنان.

بعدها استند الشيخ على الجدار ثمّ استدار ورددّ:

احفظ وصاياه يا بشير ، ولتكن خير مُؤتمن على علمه الغزير ، لقد ناجى الوطن الحبيب ،بكلام يفوق النّسيب والتّشبيب فقال: " أيها الوطن الحبيب ، أمّا الشوق إليك فحدّث عنه ولاحرج، وأما فراقك فشدّة يعقبها الفرج، وأما الحديث عنك فأزهار تضوّع منها الأرج، وأمّا مارفعتُ من ذكرك فسلْ من دبّ ودرج ، وأما الانصراف عنك فإرجافٌ بالغيّ لم يُجاوزْ صاحبه اللوى والمنعرج ،وأمّا الأوبة فمازلتُ اسمع الواجب يهتف بي : أنْ يا بشير ، إذا قضيتَ المناسك فعجّل الأوبةَ إلى ناسك...".

قال هل أزيدك يا رمز البشائر ماكتب جدّك في "البصائر"؟

قلتُ ياشيخي الجليل : وهل قال شيئا في فلسطين والجليل؟ قال : لقد قال الكثير ،ومن أروع ماقال : " أيها العرب ، أيها المسلمون! إنّ فلسطين وديعةُ "مُحمـّـد" عندنا ، وأمانة "عُمر" في ذمّتنا ، وعهد الإسلام في أعناقنا ، فلئِنْ أخذها اليهود منّا ونحن عصبة إنّا إذا لخاسرون...".

قلتُ يا شيخَ الفضائل والآداب ، هل قال شيئا في الشّباب ؟

قال : جُلُّ كلامه وجّهه للشباب ، فهم ذخرُ الوطن بلا ارتياب . وممّا قال :" أتمثله حلف عمل ،لاحليف بطالة، وحلس معمل ،لاحلس مقهى ، وبطل أعمال، لاماضغ أقوال، ومرتاد حقيقة ، لارائد خيال... أتمثله بانيا للوطنية على خمس ، كما بُني الإسلام على خمس : السّباب آفة الشباب، واليأس مُفسد للبأس، والآمال لاتُدرك بغير الأعمال، والخيال أوله لذّة وآخره خبال، والأوطان لاتُخدم باتّباع خطوات الشّيطان... أتمثله مقبلا على العلم والمعرفة ليعمل الخير والنّفع،إقبال النّحل على الأزهار والثمار لتصنع الشهد والشّمع... أتمثّله مُحمديّ الشمائل، غير صخّاب ولا عيّاب، ولا مغتاب ولا سبّاب ...

أحبّ منه ما يحبّ القائل:
أحبّ الفتى ينفي الفواحش سمعه*كأنّ به من كلّ فاحشة وقرا.
وأهوى منه ما يهوى المتنبي:
وأهوى من الفتيان كل سميـــــدع* أريب كصدر السّمهــــري المقوّم
خطت تحته العيسُ الفلاةَ وخالطت*به الخيل كبّات الخميس العرمرم
يا شباب الجزائر هكذا كونوا!..أو لاتكونوا!...". ولمّا هممتُ مغادرةَ النّجاد ، بعدما غلبني الكرى والسّهاد، ربّتَ الشيخ على كتفي وقال: ياولدي البشير ... لقد رضع جدّك البشير لبان الضّاد، و تغنّى بها في كلّ ناد ، وحمل رسالة الأجداد، بهمّة أعجزتْ الصّناديد الشِّداد ، وكان لأعدائها دوما بالمرصاد، وهاهو ذا يتركها أمانة بين أيديكم أيها الأحفاد ، فهل تحفظون العهد ، وتذودون عن هذا المجد ؟ قلـتُ : إيه والله يا جدّ ، لن أخون العهد ، حتى أُوسّد في اللّحد ، فلغة الضّاد تسري في قلبي و دمي كما يجري على قرطاسي المِداد، ولو قالوا متخلّفٌ يرتاد ، دكاكينَ الورّاقين في عصر "الآيباد" ! قال : هكذا عهدي بك يا بشير الخير ... وقبل أن أغادر سمعت قول الشاعر محمد العيد آل خليفة يزلزل المشاعر، فوقفتُ شبه حائر، وقلتُ : يا "مصطفى زياتين" لقد صدح "محمّد العيد" حتى بحّ ، فاسمع أبياته السائرة واضرب النحّ:

له قلم إنْ رامَ دفعَ الأذى بــــه *** فرمحٌ رُدينيّ وسيفٌ مُهنّد

وإنْ رامَ إذكاءَ العقول فمشعل*** وإنْ رامَ إرواءَ القلوب فمورد

وإنْ رامَ وصْفا فهو أجمل ريشة *** لأبرعِ رسّامٍ على الفنّ تُسعد

لقد كان للفصحى أباها وأمّها *** ومرجعها إنْ ندّ أو شذَّ مُغرّد

ولمّا أرخى الليل سُدوله، وجرّ ذيوله ، غادرتُ الخرزة القبلية ، وكبدتي مشويّة ، على فراق الأطلال البهيّة ، التي ضمّتْ نفسا زكيّة ، ستبقى في ذاكرتي دوما حيّة .

المقامة التّكفيريّــــــة بقلم: البشيــــر بوكثيــــر -رأس الوادي-



 المقامة التّكفيريّــــــة
بقلم: البشيــــر بوكثيــــر -رأس الوادي- (الجزائر).

-إلى مشايخ الفتنة التّكفيريّين أهدي هذه الشّهب الثواقب ،علّها تحرّك الدّموع السّواكب ...

**حدّثنا بشير السّحمدان، لمّا نزل بـ "عين ولمان"، وهو جِدّ زعلان :

مَن سيُصغي لكم بعد الآن ؟

ومن سيسمع نعيقكم يا غربان ؟

ومَن ياتُرى يُصدّق فتاوى الشّيطان؟

ومن سيأمَن ابن آوى والسّرحان ؟

يامَن شرّعتم قتل الإنسان لأخيه الإنسان ...

ووأدتُم أحلام وهدْهدةَ الصّبيان...
يامن تتلقّون الأوامر من "جيفري فيلتمان"...
هذي القدس تندب حظّها وتبكي أشلاءها من زمان ...
ولاأحد منكم نبسَ ببنت شفة، أو رفّتْ له أجفان ...
وهذه "بورما" تشكركم يامَن تدّعون نُصرة الإخوان ...
وهذا "السّودان" يا إخوان، يشكوكم للواحد الدّيّان ...
يا مشايخ الفتنة ، يا إخوان الشّيطان ...
بالأمس القريب- أخي الحبيب- أفتوا لـ "هولاكو"
بنــزع الهلال ، ووضع الصّليب...
وتركوا "العراق" يغرق في االدّم والنّحيب...
بالأمس دمّروا عراقا، وقتلوا صَحْبا ورِفاقا
ونشروا عهرا وسحاقا، وأدمو ا مُقلا وأحداقا
و قطعوا نخيل البصرة ثمّ نحروا الطّبيب...
ختموا التراجيديا بختم النّفاق ،وصاحوا في الآفاق:
نبكيك يا "صدّام"...نبكيك يا "عراق"...!
واليوم هاهم ينحرون أخْتا لهم بالشّام ...
سوسنةً وحيدة شريدةً طريدةً ...
تُقارع شِرعةَ التّكفير، وفقهَ الظّلام ...
يدوسون غصن الزيتون ويذبحون الحَمام ...
واعَجباه كيف يُسحق غصن الزّيتون تحت الأقدام ...!
وكيف يُذبح الحَمام باسم الدّين ..باسم الإسلام ...!
يامشايخ السّلطان ...يا إخوان الشّيطان ...
كلّ الأموات،وكلّ الأصوات ، في كلّ الأوقات تلعنكم:
"هزيم" الرّعد ...يلعنكم ...
صادق الوعد...يلعنكم ...
خفْق النّعل...يلعنكم ...
برْق النّصل يلعنكم ...
"شحيجُ" البغْل ...يلعنكم ...
"درداب" الطّبل في الحفل يلعنكم ...
هديل الحمام ...يلعنكم ...
جميل الكلام...يلعنكم...
سماحة الإسلام ...تلعنكم ...
"عنْدلةُ" العندليب ...تلعنكم ...
"حيْعلةُ" الإمام الحبيب ...تلعنكم ...
"بسملةُ" الصّحب الكرام ...تلعنكم ...
"سَجْع" القُمريّ ...يلعنكم...
رصاص الثّوريّ...يلعنكم ...
نعيق الغراب ...يلعنكم ...
"همع" السّحاب ...يلعنكم ...
"حسيس" النّار...يلعنكم ...
حشيش النّضار...يلعنكم ...
"تبيبُ" التّيس... يلعنكم ...
"نَزيبُ" الظّبي ...يلعنكم...
خرير السواقي يلعنكم ...
دموع المآقي تلعنكم...
بكاء اليتيم يلعنكم ...
"عرارُ" الظّليم يلعنكم ...
دموع الثّكالى تلعنكم ...
شيب الشّيوخ يلعنكم ...
دُور العبادة تلعنكم ...
أُصْبع الشّهادة يلعنكم ...
فقه العبادة يلعنكم ...
القرآن الكريم يلعنكم ...
سُنّة الحبيب تلعنكم ...
النهر يلعنكم..البحر يلعنكم ..الفجر يلعنكم ...العصر يلعنكم..
الأرض تلعنكم ...السّماء تلعنكم ...الكلّ يلعنكم ...
وهذه الحجارة الصّماء الخرساء .. تلعنكم وترجمكم :
"اليَرمَع" ترجمكم ...
و"اليلمَع" يرجمكم ...
"البراطيل" ترجمكم ...
"الحصاة" ترجمكم...
واللهاة تلعنكم ...
"الدّملوك" يرجمكم...
والصّعلوك يلعنكم ...
وا"لصّنوان " يرجمكم ...
والشّهب ترجمكم فتحرقكم ...
حتى النبات يا أعداء الحياة يلعنكم:
جريد النّخل يلعنكم ...
"الفسيلة" تلعنكم ...
و"الرّقلة" في ورقلة تلعنكم ...
و"الدّقلة" في بسكرة تلعنكم ...
و"الدّفلى" في عين الدّفلى تلعنكم ...
المداد يلعنكم...
مآتم الحِداد تلعنكم ...
الحِبر يلعنكم، والقبر يلفظكم،والصّخر يرجمكم ...
نبات الجوري يلعنكم ...
الطائر الدوري يلعنكم ...
زهر الأقحوان يلعنكم ...
شقائق النّعمان تلعنكم ...
ورد الرّيحان يلعنكم ...
يا شيوخ النّفاق :
الإسلام أخلاق لاشقاق
الإسلام نور وحبور ..
بِشْرٌ وسرور ...
بلابل وطيور ...
وزرعٌ وبذور ...
الإسلام ليس نبشا للقبور ..
وليس أكلاً لقلوبٍ في الصّدور ...
يا مشايخ الفتنة والتكفير ...
الكبير يلعنكم ، وحتىّ الصّغير...
الكلّ يلعنكم ...
لكن كي نصدّقكم أعلنوا النّفير ...
وجهّزوا العير والبعير ...
وادعوا السّميع البصير ...
ولاتدعوا من دونه من لايملكون الفتيل و القطمير ...
هيّا ..كي نصدّقكم ...نادوا في العير :
"حيّ على الجهاد لتحرير فلسطين" ...
قولوها صريحة فصيحة إنْ كنتم صادقين...
لكن لن تقولوها ياعلماء السّلاطين ...
لأنّكم حقاّ وصدقا "إخوانُ الشّياطين"...!
رأس الوادي في : 15 جوان 2013م

2013/06/14

اهداء الى كل استاذ عمل بصدق في مهنته النبيلة


بسم الله الرحمن الرحيم
أستاذي الفاضل:
تعثر القلم، وتأججت المشاعر، وطافت بي الذكريات، وأنا أريد خطابك.
أحجم قلمي عن الكتابة، ومشاعري عن التدفق والسيلان، فأقسمت على قلمي أن يمتطي صهوة جواده وعلى مشاعري أن تتدفق سيالة .
أستاذي الفاضل:
كم لك علي من الجمائل والأفضال، وكم كسوتني من كريم السجايا والخصال، غمرتني بحنانك وعطفك، وشملتني بحبك وكرمك.
أستاذي الفاضل:
كنت عريا من الأخلاق فكسوتنيها، فقيرا من معاني المحبة والإخاء فأعطيتنيها .
أستاذي الفاضل:
كم أتيتك والهم قد أقلقني, والحزن قد أهلكني، فما هو إلا أن جاذبتك أطراف الحديث، حتى تبدد الهم، واندثر الحزن، وأشرقت النفس بفضل ربها ثم بفضلك .
أستاذي الفاضل:
كم أخطأت فقومتني بحسن أسلوبك، وزللت فانتشلتني بلباقة تعاملك، وكم أحسنت فكنت لي مشجعا، وأتقنت فكنت لي محفزا .
أستاذي الفاضل:
لم أكن ابنك فتفرح لي , ولا قريبك فتحزن لي ,فرحي فرحك، وحزني حزنك، ما بعثك على ذلك إلا حب هذا الدين وحب البذل له.
أستاذي الفاضل:
كم كان يعجبني فيك مطابقة قولك لفعلك وعلانيتك لسرك، تحث على الصفوف الأول وأنت من اهلها، وتحث على البذل لهذا الدين وأنت في المقدمة، ...
أستاذي الفاضل:
كم صعد على كتفك من المتربين، شربوا ماء شبابك، وأخذوا عظيم أوقاتك، وأنت رابط الجأش، ثابت الجنان، لا تتأفف ولا تتمنن .
أستاذي الفاضل:
كم رماك الحاسدون بسيء الألفاظ وجارحها، والمثبطون برديئها وقاتلها، ولسانك حالك : إن في أذني صمما مما تقولون، فازددت في نظري رفعة ومكانه .
أستاذي الفاضل:
كم كنت أطير من الفرح وأنت تنصف من حولك من الدعاة والمربين ولو كانوا من غير( !!!!)، توضح بلطف، وتبين برقة، من دون تجريح ولا غيبة .
أستاذي الفاضل:
كم أكن لك من المودة والمحبة أنا وإخوتي لما نرى من عدلك بيننا، وحرصك على تصفية قلوبنا لبعضنا .
أستاذي الفاضل:
كم كنت أتأثر وأنت تسأل عن خصوصياتي، بل وتحل ما يحدث من مشاكل في بيتي، وأنت على ذلك شرفتني بزيارتك لي في بيتي , فعرفتك على أبي وأخي ، ومنذ تلك الزيارة وأبي لا يمنعني من الخروج معك واللقاء بك، بل ويحثني على صحبتك.
أستاذي الفاضل:
ما زلت أذكر تلك الدمعة الصافية التي انهملت من عينيك وأنا أودعك وكأني أرى في طياتها ذكريات الماضي، وأرى فيها حبك لي وشفقتك علي.
أستاذي الفاضل:
مهما كبرت ففي القلب مكانك، ومهما بعدت فكلي شوق للقائك.
أستاذي الفاضل:
كم كنت أود أن أبث لك كل ما في جعبتي من محبة
ولكن اختلطت مني المشاعر، وانهمرت من عيني الدموع ،
فبارك الله فيك وجزاك عني كل خير.

2013/06/08

المقامة الإخوانيّـــــة بقلم: البشيـــــر بوكثيــــر / الجزائـــر

 المقامة الإخوانيّـــــة 
بقلم: البشيـــــر بوكثيــــر / الجزائـــر 
إلى (جماعة الإخوان المسلمين) ...
لقد سقطتم سقطة، وارتكبتم أكبر غلطة، ووقعتم في شرّ ورطة ، حين انخرطتم في مشروع مشايخ البترودولار، وأحرقتم إرثا بناه الأحرار، بالأنّات والآهات والدّماء الغِزار ...
-حدّثنا البشير السّحمداني الهذياني، عن الفكر الإخواني ..قال:
هي حركة الإخوان ، عالميّة التوّجه رفيعة الشان، متينة الأركان، قويّة البنيان، كانتْ عصيّة على الذّوبان، فأضحت اليوم بلا عنوان، حين انخرطتْ في مشروع ممالك العربان.
أسّسها " حسن البنّا"، على منهاج القرآن والسُّنّة، لتكون منحة وترفع المحنة ، بلا أذى ولا منّة ...
فلسفتُها: الإسلام عقيدة وعبادة، مُصحف وسيف وسجّادة، ووطن وجنسيّة، لاوثن ونرجسيّة، وروحانيّة وعمل، لاماديّة ولاكسل، ودعوة سلفيّة، لارغوة وتَلَفيّة، وطريقة سُنيّة، عريقة وضّاءة سَنيّة، وحقيقة تصوّفيّة، لاطريقة مبتدعة صوفيّة، وهيئة سياسيّة، تسوسُ بالسّياسة الشّرعيّة، لا بالشّرعية التاريخية أو الثوريّة، وجماعة ثقافية علمية ورياضية، لافرقة تيجانيّة أو إباضيّة،ورابطة موسوعيّة، وفكرة ألمعيّة، تفتّقتْ عنها عبقريّة حسن البنّا الشهيد، الذي أراد أن يُعيد للأمّة مجدها التّليد، وفجرها السّعيد .
من تحت رُكام القهر والحيْف، والضّيْم والزّيف ، أرسلَ الشّهيد، معسول النّشيد ، بلا تهديد ولا وعيد، فأشرقتْ تباشيرُ العيد السّعيد :
" الله غايتنا، والرّسول قُدوتنا، والقرآن دستورنا، والموتُ في سبيل الله أسمى أمانينا"...
"كونوا كالشّجر يرميه النّاس بالحجر، فيرميهم بأطيب الثّمر"...
"راحتي في تعبي، وسعادتي في دعوتي"...
"إنّ حقائق اليوم هي أحلام الأمس، وأحلام اليوم هي حقائق الغد"...
سألني الشمقمق : حدّثني السّاعة ،عن منهج الجماعة ، ولك منّي- منذ اليوم- السّمع والطاعة ...
قلت: إذا أردتَ فهم منهج الإخوان بسرعة ، فاقرأ "الأركان العشرة للبيعة"..
وإذا أردتَ تحديد المفاهيم، فعليك بـ "رسالة التعاليم"...
وإنْ شئتَ يا ابن الأصول ، فهم الأصول، فألقِ نظرة على " رسالة الأصول"...
قاطعني الشمقمق: عليك نوووور يا "بشّور" ، ظننتك لاتفهم في هذي الأمور ...!
ضحكتُ في حبور، ورددتُ على الفور: يا شمقمق لقد تربّيتُ على فكرهم مُذْ أبصرتُ النّور، فكيف ترميني بالجهل والقصور ؟
قال: سامحني يا "بشّور"، فأنا لاأفقه في هذه الأمور ...
قلت: لاتراوغ ولاتلفّ أو تدور ، واسمع بقيّة الكلام، وإلاّ الفراق بيننا والسّلام .
قال: وهل تغيّرت الآن الأمور ؟
قلتُ : أجل تغيّرت الأمور، وانكشف المستور، بعد اتّباع الجماعة لأمراء الشرّ ، وملوك المكر والغدر، بالسّعودية وقطر، فقد انصاعوا لمشايخ البترودولار، وكانوا كالمستجير من الرّمضاء بالنار .
قال : أريد المزيد، أيّها الصّنديد ...
قلت: جماعة الإخوان يا"شمقمق" هي حركة إحياء وجهاد،جاءت لإحياء ذكرى الأبطال الأمجاد، وإعادة سِيَرِ خالد والقعقاع والمقداد،سلاحها الوعظ والإرشاد،لأنها مدرسة تربية وتهذيب وإصلاح ، لتزكية النّفوس بآي الذّكر والأحاديث الصِّحاح، فخذْ عني يا صاح، فلسفتها التربوية وغرْبِلْها بفكرك اللّماح ، لا قرْنك النطّاح ...
هذا قاموسهم المحيط يُغني عن التبيان والإفصاح: 
"الأسرة"عندهم هي الأساس والوهج والنبراس، و"الكتيبة" تُحقّق الغاية البعيدة والقريبة، و"الرّحلة" تختصر المسافة والرّحلة، لذا تراهُم-كما قال اليساريّون-" يربحون كلّ جولة، وبعدها يبلعون الدّولة"، ثمّ يأتي" المعسكر"-دعْك من رأس الوادي وسطيف ومُعسكر، وتناول معي قطعة سُكّر، كي تفقه ما سأذكر: 
و"المخيّم" عندهم رباط وجهاد ، وتزكية للنفس من أدران الفساد، و"النّدوة" فيها تتعلّم "كاريزما "الأسوة والقدوة ، و"المؤتمر" يجمع الشّمل ويختصر، سياسة الحكيم "بزرجمهر"...
هزّ الشمقمق رأسه وصاح: هلاّ حدّثتني عن قادتها الصّْحاح يا صاح ؟
قلت: حركة الإخوان عقدها فريد، وسلسلتُها تنضَح بالعقيق النّضيد، اسمع و سأعطيك المزيد:
واسطةُ عقدها الفريد الشّهيد "حسن البنّا" ،هو المؤسّس المتمرّس ومُرشد الجماعة للجنّة،خطيب مصقع، جبينه بالخير يلمع، كان في نحور العدى الرّشاش والمدفع، اغتالته كلاب الملك "فاروق" الّلُكع، بأمر من الإنجليز التي صوّرته مثل بُعبع...
خلَفَه "حسن الهضيبي " هو أشهر من نار على علم يا حبيبي ، وإنْ سألتَ عن عُمر فذاك "التلمساني عُمر" نال من اسم تلمسان، الرّفعة والشّان...
ولكلّ نصر "محمد حامد أبو النّصر"، وعلى طريق النّور ، ستجد الشيخ " مصطفى مشهور" ، وإذا سلكتَ الدّربَ الآمن المأمون، فلا تنسَ " الهضيبي مأمون"، وحين يختلط عليك الذهب الخالص بالذهب الزّائف، فسل الشيخ" محمد مهدي عاكف"، دوما تجده للشرّ مُناكف، وعلى الخير متهجّد وعاكف، واختتمْ أيها السّريع سلسلة الشّرف الرّفيع، والحصن المنيع ، بالشيخ " محمد بديع"...
هؤلاء الثمانيّة، سيوف مهنّدة يمانيّة، وعقول مُنتجة بانية، فضّلوا الباقيّة على الدّار الفانيّة...
لكن أخشى على آخرهم "بديع" السّقوط الشنيع، إذا بقي متمسّكا بمشايعة الأعراب، وإدارة الظهر للخلاّن والأحباب ...
صرخ الشمقمق كالمجنون: هل فعلا نالهم الظلم والقهر في السّجون؟
قلتُ: للإنصاف وبلا إجحاف ...
تاريخ الإخوان، مليء بالأحزان، فقد لاقوا في سبيل الدّعوة الأذى والقذى والهوان، وهاهي السّجون تبكي السّجون، لأنّ الحديث ذو شجون، بعدما ذاقوا من العذاب شتّى الألوان والفنون، وتحمّلوا مالا تحمله الجبال، بل ماتتقطّع له نِياط الجِمال...
سلْ سجن "طُرة" ، سيُبكيك ألف مرّة، وسلْ سجن "أبو زعبل" ، لا تزعلْ ...رُدْ بالك تهبل ..
لقد تعرّضوا للتشريد، والعذاب الشّديد، والقتل بالنار والحديد، وتحمّلوا كلّ ذلك بعزم شديد، وحزم أكيد، فلم يكن بينهم جبان ولا رعديد، بل كان شعارهم الوحيد "لايفلّ الحديد إلاّ الحديد"...
وفعلا كانت همّتُهم أصلبَ من الفولاذ والحديد...
لقد لاقوا من الأذى ألوانا، وتحمّلوه شجعانا، فأصبحت التّضحية لهم سِمة وعنوانا ...
يا شمقمق سلْ مافعله بهم الطاغية "حمزة البسيوني " ، الذي جعل أحدهم يردّد" كاد المريب أن يقول خذوني"...
وسلْ كبير القوم "ناصر" الذي ضيّع سيناء فكان الخاسر، حين أعدم النّجم والقُطب ، الشهيد "سيّد قطب"...
وقبله أعدم القاضي الفقيه ، والمفكّر النبيه "عبد القادر عودة"، الذي مازالتْ مآثره راسخة مشهودة ...
يا شمقمق ... لقد حرّكتَ بسؤالك الشّجون ،لأنّ الحديث عن التشريد والسّجون ذو شجون ، ومن الجنون حقّا فنون ...
امتعض الشمقمق في الحال ، وقال : حدّثني عن طلائع الإخوان وكتيبة التّمكين ، في نصرة فلسطين ...
قلتُ : لقد كانوا أسود الشّرى، وليوث الورى، وهذي حرب فلسطين، عام "ثمانية وأربعين"، تروي للأجيال ، قصّة الأبطال، "عبد الحميد خطاب" الفارس الذي لايَهاب، و"حسين الحلوس" ، يرفض الجلوس ،على المقاهي وقبض الفلوس، بل يتوجّه إلى ساح الوغى، ويحكي للورى، كيف يلاقي الحرّ المنيّة ، بنفس أبيّة...
وذاك " محمّد سلطان"، أحرجَ أمير الخنا والسّلطان ، فكان أشجع الشّجعان، في ساح الوغى والطّعان ، حين تتطاير الهام على الهام ، وتتكسّر النّصال على النّصال ...
وهذا الفتى الجميل، والشهيد النبيل،" حلمي جبريل" ، يرسم طريق الشهادة والنّصر الجميل لهذا الجيل ...فهل يا تُرى سيسمع جيل "الهشّك بشّك" نداء " جبريل"...؟! 
هي قوافل من الشهداء، آثرت حياة البقاء، على حياة الذلّ والفناء ، فطارت أرواحهم مُحلّقة و مُغرّدة في السّماء:لاتخونوا يا "إخوان" رسالة الشهداء، ولا تضيّعوا البوصلة في فتنة هوجاء، تسوقكم إليها مملكة الماعز الجرباء ، فهل ستسمعون النّداء ...؟!
قال الشمقمق: ظننتُك من الفُلول...
قلتُ : آه ...أنا أحبّ الجلبانة والفول ...
يا شمقمق ...لستُ من الفلول، والله شهيد على ما أقول ...
أنا ناصح مشفق أمين، لإخوة جمعتني بهم العِشرة، وتقاسمتُ معهم ساعة اليسر والعسرة، لكنْ أحزنني ما رأيتُ منهم من تغيّر الحال، وتبدّل الأحوال، وهاهم ينكرون العِشرة، ويكفرون بالملح والكسرة، ويبصمون لبغل قطر بالعَشرة، ويبعثون السّرايا للشام، التي كانت لهم دار سلام، حين تنكّر لهم اللئام، وهاهم يذيقون أهلها الموت الزّؤام، والدلائل عندي كثيرة، لاتحتاج إلى نباهة وفطنة كبيرة، فلا يصحّ شيء في الأفهام ، إذا احتاج النهار إلى دليل يا كرام...، فاسمعوا تصريح القادة، حين حادوا عن البوصلة والجادة ...!
والعجب العجاب ، كيف يلتقي الفكر المستنير للإخوان، مع فكر أتباع "ابن عبد الوهاب " ، الذين حاربوا حركة الإخوان في الجهر والسرّ، وقالوا فيها مالم يقله مالك في الخمر.
وهنا بادرني الشمقمق بالسؤال: 
صحيح لم تخبرني بموقف أتباع "محمد بن عبد الوهاب " من حركة الإخوان ...
أجبتُ وقد عمّني السّيل، وطفح منّي الكيل:
لقد حاربها أتباع "ابن عبد الوهاب"، وكالوا لها كلّ أنواع الطّعن والسِّباب، حتى بلغ الأمر إلى حدّ التّفسيق والتكفير، بحجّة أنّ الجماعة أهملت التّوحيد، وانشغلت بإعادة المجد التّليد، وقصّرتْ في محاربة البدع وعبادة القبور، ونشرت الشّرور، بمخالفتها لأولياء الأمور ...
اندب احْناككْ يا قدّور، وخلي الموتور يدور ...
قال : وما النّصيحة ؟
قلتُ: النّصيحة ، وبلُغة صريحة فصيحة ،هي العودة إلى التربيّة والتّهذيب والإرشاد، لينصلح حال البلاد والعباد...
رأس الوادي يوم: 07 جوان 2013م .

2013/06/04

أنـا جزائِري أعشق فلسطِـين حتى النُـخاع ولَن أثور مرة أخرى إلاّ لفلسطِـين ...

أنـا جزائِري أعشق فلسطِـين حتى النُـخاع ولَن أثور مرة أخرى إلاّ لفلسطِـين ...

ليسَ كَمـا يَـفعل العِـربان الأن ... ثَـارو مِن أجل قتل كُل مَـن يُشكل خطراً علَى أمن بِما يُـسمى إسرائيل ؟؟؟
قَتلُوا الهواري بومدين و جَمال عبد الناصر   وصدام حسين و ياسر عرفات و معمر القذافي و الأن يقاتلون بشار الأسد و حسن نصر الله..... تحت غطاء السنة تحارب الشيعة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
سِلاَح إسرائيلي و مَال خليجي عربي   والميت مُسلم و القَـاتِل مُـسلِم و تل أبيب أمنة و اليَهُود فرحانين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لمَـاذا لا يُجـاهِدون في فِلسطِين ؟؟؟
لمَـاذا لا يُجـاهِدون في بُـورمَا ؟؟
مَنذ متَـى أصبَـح الغرب و أمرِيكا الذِيـن يدعَـمون بِما يُسمى الثُـوار يُحِبون الخير للمُـسلمِين و يَدعمُونهم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ّمتَى يستفيق العرَب أسيبقون خُونَة ويخدمُون إسرائِيل للأبد ؟؟؟
ّحِسبنا الله ونِعم الوَكِيل
عُذراً فِلسطين يَخجَل الإنسَان حتى في كِتابت هَذه الأسطُر وهُو وراء الشاشة جالس أمِن مَـاذا نَفعل مَع الخُونة لَـو أعلن الجِهاد فِي فلسطين و تَنطَلِق الطَـائرات مِن الجَـزائِر صَوب فلسطِين فَـاعلموا أنهَا ستسقِطُها الدول العربانية قَبل أن تصِل إلَـى سَاحت المعركَة.....
فِـلسطِين لاَ يُـحررها إلاّ الفِلسطِينيين بعَون مِن الله عز وجَل
الجزائر مع فِلسطِين ظَـالِمة أو مظـلُومَة
و ّحِسبنا الله ونِعم الوَكِيل للخُونَة ومَن زرع الفِتن وشوه صـورة الإسـلاَم و خَـانة وطنه و فِلسطين وبَـاع شرفه للأعدَاء تحت إسم الجِهاد [ جِهاد النِكاح و المناكحة ] أستغفِر الله العلي العَظِــيم .

*السّياسيّ الذئب...! بقلم : البشير بوكثير


بقلم: البشير بوكثير / رأس الوادي.
ملاحظة: طلب مني زميل عزيز إعادة نشر هذا الموضوع كما قال "لأنّه يبرّد القلب" ...
وقد نُشر منذ مدّة بمجلة"أصوات الشمال"، وجريدة "القدس العربي "...

(من استرعى الذّئب ظلم)، هذا مثلٌ عربيّ قديم مفاده أنّ راعيا وجد في إحدى غدواته وروحاته إلى المرعى ذئبا صغيرا فَقَد أُمّه، وبسذاجة كبيرة أخذه وجعله مع قطيع أغنامه، وكان هذا الذّئب يتغذّى من ثدي عنزة هرِمة، وما إن اشتدّ عُوده حتّى أتى على العنزة التي أرضعته وغذّنه فافترسها. لمحه الرّاعي من بعيد وهو يرتكب جَريرتَه فسدّد نحوه سهم الموت فأرداه صريعا. حينها تنفّس الصُّعداء، وشعر بالعِزّة والإباء.
وقال: (من استرعى الذّئب ظلم). وذهب قوله هذا مثلا.
أمّا الذئب الذي سأحدّثكَ عنه قارئي الكريم اليوم فليس من عالم العجماوات والحيوانات، ولكنّه من عالم البشر: ممّن ينطقون ويُفكّرون ويَتمَنْطقون، ويتحذلقون، وللكلام يُنمّقون، ويرتكبون حماقات وكوارث في حقّ النّاس، فيتعوّذ منهم الوسواس الخنّاس. 
لا شكّ أيها القارىء وأنّك قد صادفتَ وأبصرتَ وتحدّثتَ مع هذا النّوع من البشر الذي سمَّوه سياسيا-ليس من ساس يسوس بل من سَوَّسَ يُسوِّس سُوسا- ورُحتَ تتأمّل شكله وحجمه ووزنه وسحنته، بل وتتعجّب وتأسر لبدلته الأنيقة، وربطة عنقه العتيقة، وشِفاهه الرّقيقة، ووقفتَ مشدوها أمام فصاحته وبلاغته وقُوّة حُجّته، ورُبما خدعكَ كلامُه المعسول، ووعدُه المأمول، فَبِيَدِه مفتاح الحلول، لكلّ معضلة أعجَزتِ السليم فما بالك بالمشلول. فتشغيل الشباب حقيقة لا سراب، ومُشكلة السّكن، هدية بسيطة لا تساوي سِعر كفَن، وحقوق النّساء، مكفولة دون سَفْسطة أو عَناء. أمّا عَصْرنة الإدارة، فتتحقّق - توًّا- بالغمز والإشارة. وإنْ سألته عن التعليم، أقنعكَ فعلا أنّه في الإنعاش سقيم، لكن حَضرته سيُحييه بعد رميم -أستغفر الله العظيم-، وإنْ.. وإنْ.. وإنْ! هذا النّوع من السياسيين دفعتْ بهم أرحام التّاريخ، راسبين مطرودين بالإنذار والتّوبيخ، لكنّهم يُحسنون التّزمير والتّطبيل والرّقص والنفيخ، ويُبدعون في التّملّق والرّياء والنّفاق والتّبربيخ، فيصعدون بتجارتهم الكاسدة إلى المرّيخ، وبعدها يُؤسّسون منابر إعلامية ينشرون فيها حروب السياسة والبوليتيك، ويخدعون الدّهماء بفنّ العنتريات والتّسرديك.
ويوم الامتحان (الانتخاب) يُكرَم هذا الذئب دوما ولا يُهان، فتُوزّع المشروبات والمُرطبات بالمجّان، على المواطن الغلبان. أمّا هو فيع تلي قُبّة البرلمان، ويُشار إليه بالبَنان، ثمّ يتناسى الوعود والعهود بعد أن أقسم بأغلظ الأيْمان، أنّه في خدمة المغبون الغلبان، الذي سيطويه النسيان، ويصبح في خبر كان. 
وبعد شهر أو شهرين تنتفخ لذئبنا الأوداج، ويأتيه الرّيع والخراج، فيتكرّش مثل البقر والنّعاج، فيتغــيّر المزاج، ويُعيد الزّواج، ويخطب في النّاس مُممتشقا سيف الحَجّاج: (إنّ شعبي مغفّل من طيبته يحتاج إلى علاج)، يقولها يا سادتي بكلّ وقاحة ودون إحراج.

2013/05/27

المقامة الأميرية - بقلم البشير بوكثير

المقامة الأميرية  بقلم: البشير بوكثير / رأس الوادي.
إهداء: بمناسبة مرور 130 سنة على وفاة فارس السّيف والقلم "الأمير عبد القادر الجزائري "، أهدي هذه المقامة التي كتبتها منذ عام ...عرفانا لمآثره وتضحياته في سبيل الدّين والوطن .
الأمير عبد القادر الجزائري

- حدّثنا التاريخ يا سادة يا كرام - ولا يحلو الكلام إلاّ بالصلاة والسلام على سيد الأنام- فقال:
هي شجرة الدّردار ، تروي ذكرى فتى مغوار ، لا يشق ّ له في البيان والسّنان غبار ، اسمه عبد القادر بن محي الدين ، فارس السيف واليراع النحرير ، والسّياسيّ المحنّك الخبير ، الذي أجمع المتمرّسُ كما الغرير ، على أنّه منارة من منارات التنوير ، في زمن الإبادة والتدمير ، لمن رفعوا زورا شعار الحضارة والتنوير..
هو الصوفيّ في صومعة الواصلين العارفين. ألم يكن بجوار ابن العربيّ دفين ؟
وهو الفارس في الفلاة والضرغام في العرين. هو الشاعر الفنّان ، على مرافىء القوافي والأوزان ، كما كان الحسام المهنّد اليمان ،في الوغى أقضّ مضجع "بيجو "و "ديبرمان" ، وهذه التّافنة ناطقة بأفصح لسان ، على مدار سبع عشرة سنة لم يغمض للدخيل مقل ولا أجفان .
هوصاحب "المقراض الحاد" ، والسّنون الشّداد ، و السّمّ الزّعاف و النار على الأوغاد .
هو باني الدولة الجزائرية الحديثة ، بالتخطيط والجهود الحثيثة .
يا سادة يا كرام :
لم يفُتّ في عضده تخلّي الإخوان ، وتآمر الخلاّن ، وكيد العدوان ، ولم يستسلم استسلام الرعديد الجبان ، كما يزعم كلّ حاقد ذو شنآن .
ضاق مرارة النّفي والسّجون ، ورأى بأمّ عينيه المنون ، فما لان ولا استكان.
حنّت إليه ربى الشام ، وأرخت له الزّمام ، فسكن دمشق الفيحاء ، وتنسّم نسيم حلب الشّهباء ، وتضوّع أريج الغوطة الغنّاء .
أطفأ سعير فتنة عارمة ، بحكمة سديدة حاسمة ...
وأدرك البشير الصباح ، فسكت عن الكلام المباح