2013/06/16

المقامة السّفسطائيّــــــــــــــة بقلم البشير بوكثير



بقلم : مجنون الدشرة: البشير بوكثير /رأس الوادي
ملاحظة: هذا الموضوع سبقَ لي وأنْ نشرتُه بجريدة "الشّروق العربي" منذ سنوات تحت عنوان"تهافت العلمانيين"، ثمّ أعدتُ نشره بمجلّة "أصوات الشّمال" بعنوان"تهافت العلمانيين والغربيين ، وتخافت الإسلاميين والانبطاحيين!".
وها أنذا أعيد نشره للمرّة الثّالثة تحت عنوان "المقامة السّفسطائيّـــة" لأنّي وجدتُ أسلوبه ينسجم وأسلوب فنّ المقامة ، مع بعض التعديل الطّفيف، والسّجع الخفيف...

هذا العنوان ليس ربيبا ولا صنوا لتهافت الفلاسفة ، وإن أخذ منه الاسم والرّسم ، لاسيما إن أسقطنا مضامينه على أشباه السّياسيين ومُحترفي التّسييس والتّسويس - من السّوس- ، لأنّ السّياسة كياسة ، والسّوس ثلْم وخرم يفري أضراسه، ويلقي أنجاسه، فبعض الجراد السياسي الأحمر بالوراثة في مفازتنا الجدباء، لا يقوى على العيش، إلاّ بالدّجل والطّيْش، ولا يهوى النّماء، إلاّ بمصّ الدّماء. حتى إذا لم يبق أمل في المصّ والقصّ والقرض-في زمن القوارض التي تأبى الانقراض- هاجموا الكلّ بامتعاض ، ولا سبيل للاعتراض. أمّا أنا فأقدم هذا الكوكتال معارضا جدي الأكبر الشّيخ الإبراهيمي -رحمه الله- في مقاله "سجع الكهّان" ، متقمّصا شخصية كاهن الحيّ أو ما أسميتُه "مجنون الدّشرة"، الذّي لايكفر بالعِشرة ،ولو أذاقوه المُرّ مليون مرّة.
وإليكم هذه التّوليفة الخفيفة ، التّي تبدو للبعض سخيفة ، وهي إسقاط على واقعنا المحلّي والدّولي الذي كاد يصير "جيفة" ...
إنّ فلاسفتنا القدامى دفعَهم حُبّ التقصّي والتأمل إلى سلوك شتّى المناهج الاستبطانية والتجريبية والتحليلية، مستعملين أشتات القوى الذهنية، ومتارس التجربة الحسيّة التي قلّما تزِلّ أو تضلّ. غير أنّ بعض سياسيّينا بشطحاتهم الصّوفية-من الصّوف الذي غزلوه وحاكوه أنكاثا وليس من التّصوّف- جرّبوا مناهجهم دائما وأبدا، وسرّبوا جُلّ طرائقهم قِددا، حتى أخنى عليهم ما أخنى لُبدا-على لبد-،فاكتشفوا -وبئس ما اكتشفوا- أنّ الرّعيّة التي ساسُوها فوسْوسُوها ، وقاسُوها-من القياس- ففركسُوها، وراسُوها-من الرّياسة- ففلعصوها وعرقَسُوها-من عرق السّوس-هذه الرّعية غاشي راشي-بمعنى بالٍ وليس من الرّشوة-نَخرتْه الأرَضة من الأساس فأضحى بلا إحساس.
هذا اكتشافهم العجيب، لشعبٍ نجيب، رفض الخنوع والخضوع،لأصحاب الضُّروع- وما أدراك ما أصحاب الضّروع؟-ليس لهم يوم التّنادي الحصون والدّروع.
وفي هذه الأثناء يُلقي عليّ شيطان شعري أشطانه كالأنواء عند قوم لي بالأذواء-أمراء اليمن-ما قاله الشّاعر الحكيم في الخطب الجسيم: وطاولت الأرضُ السماءَ سفاهة * وفاخرت الشُّهبُ الحصى والجنادل.
فيا موتُ زُرْ إنّ الحياة ذميمة *ويانفس جدّي إنّ دهرَكِ هازل.
فلا أقسم -كما أقسَم جدي الإبراهيمي- بالحيْف،ومرابط الزّيْف، إنّ أكابر القوم لم يُعملوا القلم والسّيف .
ويا سعدي -من السّعد- وليس سعدي الأرسيدي-ويا سواد ليلي وسُهاد وعْدي ، نزل غُراب البيْن في الحين فشلّ الدّين وشال-رفع باللهجة المصرية-الطين ، وتاجر بحطّين وفلسطين، التي بيعت في زمن نحس بفلس-قروش-طين. وبثمن بخس .
رهنوا بغداد، للعضاريط الرعاديد عُلوج الأمريكان في ذاك الزمان في سوق نخاسة الأسياد، مُقايضين دولة "إسراطين" التّي تمخّضت عنها ثالثة الأثافي ،وألمعية القذى-مايسقط في العين-في الفيافي ، فوقع القذى هذه المرة في في-فمي-.
لا أقسم بالذيب الأطلس والثعبان الأملس - كما أقسم بهما جدي كاهن الحي - إنّ أمْرَ العشيرة لأتعَس وأركس، وأنّ حرائرهامن"دعْد "إلى "لميس" لم يَعُد ثغرهُنّ أملس ، ولم تنفع صيحة (أخو هوازن )الذي صار كالأخرس.
أيها الأباطرة الأكاسرة، منكم والقياصرة ،كذب "أوباما "الوعد،وأتبعه"ساركوزي"الوغد، حين خان "النتن-ياهو"العهد. ومتى كان للعتلّ الزّنيم وعد أو عهد؟! إلا إذا تضوّع المسك بريح الرّند-نبات له رائحة وليس الأرندي- فلقد غاب السّعد حين أورد الإبل سعد-ليس سعد جاب الله-، وباع العير والنفير ، والثمين والقطمير ، وابتاع النفيس بالحقير وأردى -من الرّدى- الدهماء المرتع الوأد.ذلّ مُبيد ، وشيطان مَريد، دخل بين الظفر واللحم لا يميد، فدَخَنَ أرُومة الشّهم لا يحيد، وصيّر الأباة الأشاوس، والرماة الفوارس كالعبيد.
والكرسي الوثير، والتاج المنير، وحَرِّ العولمة والزمهرير، ألم يأتكم من مجنون الدشرة نذير ، هلك التحالف لمّا وقع التخالف، فضمّ القواعد والخوالف، فيما أسلفت سالفة السوالف، وانبرى للحقّ رهطُ شِقّ ، وسّعوا فجوة الشَّقّ ،جعلوه سفاسف...!؟
لاأقسم بذات الحفيف ، والجناج الخفيف -كما أقسم جدّي - أنّ الأرض زُلزل زلزالها، وأُخرِجت أثقالها وأحمالها، فطفح الكيل، ونضَح السّيل بالويل، على العُميم والخُويل، فلم يُجدِ نذير ولا تحذير ، إنّ الزمان الذي حَزَبَ الأحزاب وحزّ-قطع- الرّقاب ، وسرَب السّراب،لآتٍ إنْ لم تصْح الضّمائر، وتتطهّر السّرائر،قبل أن تُبلى السّرائر،مالها يومئذ من ساتر ...!
وفي لحظة الجنون هتف هاتف : يا "بشير" لقد صدق جدّك "البشير"-الإبراهيمي -:(فهم كثمود، حين لاح لهم من البرهان عمود فضلّوا، أو كقوم هود، حين أُخِذت عليهم العهود فزلّوا).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق